في ظل التوترات المستمرة مع روسيا، تسعى أوكرانيا إلى تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية في الجو. لهذا الغرض، تطلب أوكرانيا من الدول الغربية تزويدها بطائرات مقاتلة حديثة ومتطورة، وخاصة F-16 Fighting Falcon، وهي طائرة مقاتلة متعددة المهام تستخدم على نطاق واسع ولها سجل قتالي مثبت.
ومع ذلك، فإن F-16 ليست الخيار الوحيد الذي تنظر إليه أوكرانيا، فهي تبدي اهتمامًا أيضًا بالحصول على طائرات Saab JAS 39 Gripen-C، وهي طائرة مقاتلة خفيفة صُممت في السويد لتعمل بتكلفة منخفضة في المناخات الباردة ومن قواعد جوية خشنة. في هذا المقال، سنقارن بين F-16 وGripen-C من حيث المزايا والعيوب، وسنشرح سبب اختبار الطيارين الأوكرانيين لطائرات Gripen-E/F السويدية.
المشكلة
أوكرانيا تواجه تهديدًا من روسيا التي احتلت جزءًا من أراضيها في عام 2014، شبه جزيرة القرم، وتدعم المتمردين الموالين لها في شرق أوكرانيا.
روسيا تستخدم طائرات حديثة مثل Su-30SM و Su-35S و MiG-31BM، التي تفوق أسطول أوكرانيا الجوي من حيث التكنولوجيا والأداء. أسطول أوكرانيا الجوي يتألف بشكل رئيسي من طائرات MiG-29 و Su-27 قديمة الطراز، التي تحتاج إلى صيانة مستمرة ولا تستطيع مجاراة الطائرات الروسية الأكثر حداثة. لذلك، تحتاج أوكرانيا إلى تحديث أسطولها الجوي بشكل عاجل لضمان سلامتها وسيادتها.
إف-16 الصقر المقاتل
الإف-16 الصقر المقاتل (Fighting Falcon) هي طائرة مقاتلة متعددة المهام صُممت في الولايات المتحدة في سبعينات القرن الماضى. هى طائرة شهيرة جدًا، حيث يستخدمها أكثر من 25 دولة في العالم، وشاركت في العديد من النزاعات والحروب. إف-16 لها مزايا عديدة، مثل:
- فعاليتها كمنصة لقمع دفاعات العدو الجوية (SEAD)، حيث تمتلك نظام إلكتروني متقدم وتتوافق مع أنواع مختلفة من الصواريخ، بما في ذلك صواريخ مضادة للإشعاع.
- قدرتها على حمل مجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ جو-جو مثل AIM-120 AMRAAM وصواريخ جو-أرض مثل AGM-88 HARM.
- قدرتها على التحليق بسرعات عالية وبمناورة جيدة، حيث تستطيع الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 2.05 ماخ وتحمل تسارع يصل إلى 9 جي.
ولكن الإف-16 لها أيضًا بعض العيوب، مثل:
– صعوبة التأقلم عليها بالنسبة للطيارين الأوكرانيين المعتادين على طائرات من تصميم سوفياتي، حيث تختلف F-16 في نظام التحكم والأجهزة والبرامج.
– حاجتها إلى صيانة واسعة ومكلفة، حيث تحتاج الإف-16 إلى 20 ساعة من الصيانة لكل ساعة من التحليق.
– ارتفاع سعرها، حيث تبلغ تكلفة الإف-16 الجديدة حوالى 70 مليون دولار.
Saab JAS 39 Gripen-C
Saab JAS 39 Gripen-C هى طائرة مقاتلة خفيفة صُممت في السويد في تسعينات القرن الماضى. هى طائرة أقل شهرة من الإف-16، حيث يستخدمها فقط خمس دول في العالم، وشاركت في عدد قليل من النزاعات. Gripen-C لها مزايا عديدة، مثل:
• قابلية عالية للاستخدام في المجالات المختلفة، حيث يمكنها حمل مجموعة من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ جو-جو مثل AIM-9 Sidewinder وصواريخ جو-أرض مثل AGM-65 Maverick.
• قدرتها على التحليق بسرعات فائقة الصوت دون استخدام الحارق اللاحق (سوبركروز supercruise)، وهي ميزة نادرة تشاركها مع عدد قليل من الطائرات.
• قدرتها على التشغيل من قواعد جوية خشنة وقصيرة، حيث يمكنها الإقلاع والهبوط في أقل من 800 متر.
• نظام حرب إلكترونية تم تطويره مع الأخذ في الاعتبار الأنظمة الروسية، مما يجعلها قادرة على مواجهة دفاعات العدو الجوية.
• سهولة التشغيل والصيانة، حيث تحتاج Gripen-C إلى 10 ساعات من الصيانة لكل ساعة من التحليق، ويحتاج فقط عضو واحد من طاقم الأرض إلى تدريب عالي للحفاظ عليها.
• انخفاض سعرها، حيث تبلغ تكلفة Gripen-C الجديدة حوالى 40 مليون دولار.
ولكن Gripen-C لها أيضًا بعض العيوب، مثل:
• قدرتها النارية المحدودة، حيث تستطيع حمل أقل عدد من الصواريخ والقنابل من الإف-16.
• قدرتها المنخفضة على التحمل، حيث تستطيع التحليق لمدة أقصر من الإف-16.
• نظام رادارها الأقل تطورًا، حيث تستخدم Gripen-C رادار PS-05/A، وهو رادار ميكانيكي يحتاج إلى دوران مستمر لتغطية المجال الجوي.
اختبار أوكرانيا لطائرات Gripen-E/F في السويد
أوكرانيا بدأت بالفعل في اختبار طائرات Gripen-C في السويد، حيث زار وفد من الطيارين والمهندسين الأوكرانيين قاعدة جوية سويدية وقاموا بتجربة طائرات Gripen-E/F. هذه الطائرات هى نسخ محسنة من Gripen-C، حيث تحتوى على رادار AESA (Active Electronically Scanned Array)، وهو رادار إلكترونى يستطيع تغطية مجال جوى أكبر وأسرع. كما تحتوى هذه الطائرات على نظام حرب إلكترونية أكثر تطورًا وقابلية للبرمجة. أوكرانيا تأمل في الحصول على بعض طائرات Gripen-C قريبًا، حتى مع مواصلة المساعى للحصول على الإف-16.
يمكن القول أن كلا الطائرتين لهما مميزاتهما وعيوبهما، وأن اختيار أفضل طائرة يعتمد على احتياجات وظروف أوكرانيا. في رأيي، أعتقد أن أوكرانيا ستستفاد من اقتناء كلا الطائرتین، حیث یمکنھا استخدام F-16 لإجراء عملیات هجومیة ضد الأھداف الروسیة المحصّنة، واستخدام Gripen-C لإجراء عملیات دفاعیة ضد الطائرات الروسیة المتطورة.