in

الغرب يُقرر إدخال طائرات إف-16 للمعركة الأوكرانية، وروسيا تُحذر من “تصعيد خطير وتهديد السلام في المنطقة”

جاهزون لتدمير مقاتلات سو-35 الروسية: طيار إف-16 سابق يقول إن هناك عدد كافي من الطيارين الأمريكيين المتاحين للدفاع عن أوكرانيا

في خطوة تثير الجدل، أعلنت كل من الدنمارك وهولندا عن تبرعهما بطائرات إف-16 لأوكرانيا، في محاولة لدعم قدراتها الدفاعية في مواجهة الغزو الروسي. وقد أثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من روسيا، التي اعتبرته تصعيداً للصراع وتهديداً للسلام في المنطقة.

وفي هذه المقالة، سنستعرض أبرز الجوانب والآثار المتعلقة بهذه الخطوة، وكيف يمكن أن تؤثر على مستقبل العلاقات بين أوكرانيا وروسيا والدول الأوروبية.

أولاً، سنتحدث عن خلفية الصراع بين أوكرانيا وروسيا، وكيف بدأت الأزمة في عام 2014 بعد ثورة أورومايدان التي أطاحت بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش. وسنشرح كيف استغلت روسيا هذه الفرصة لضم شبه جزيرة القرم إلى أراضيها، ولدعم المتمردين الموالين لها في شرق أوكرانيا. وسنبين كيف تطور الصراع إلى حرب غير معلنة بين البلدين، رغم محاولات التوصل إلى حل سلمي عبر اتفاقات مينسك.

ثانياً، سنتطرق إلى دور الدول الأوروبية في دعم أوكرانيا والضغط على روسيا، من خلال فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على موسكو، وإرسال مساعدات عسكرية وإنسانية إلى كييف. وسنذكر كيف تحولت هولندا والدنمارك إلى أولى الدول التي تبرع بطائرات F-16 لأوكرانيا، بعد حصولهم على موافقة من الولايات المتحدة التي تصنع هذه الطائرات. وسنشير إلى تصريحات رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، الذي اعتبر هذه الخطوة اتفاقية ثورية، وأن هذه الطائرات ستسهم في تحقيق التفوق الجوي على روسيا.

ثالثاً، سنناقش رأي روسيا في هذه المسألة، وكيف انتقدت قرار تبرع هولندا والدنمارك بشدة. وسنستشهد ببيان سفير روسيا في الدنمارك فلاديمير باربين، الذي قال إن هذا القرار يؤدي إلى تصعيد الصراع، ويحرم أوكرانيا من أي خيار آخر غير مواصلة المواجهة العسكرية مع روسيا. وسنتحدث عن المخاوف الروسية من توسع النفوذ الأوروبي والأمريكي في أوكرانيا، ومن تهديد أمنها القومي ومصالحها الجيوسياسية.

رابعاً، سنحلل الآثار المحتملة لهذه الخطوة على مجرى الصراع وعلى آفاق التسوية السلمية. وسنتساءل عن مدى قدرة أوكرانيا على استخدام طائرات F-16 بفعالية، خاصة في ظل حاجتها إلى تدريب طويل للطيارين والفنيين. وسنتنبأ بردود فعل روسيا المحتملة، وإمكانية تصعيدها للتدخل العسكري أو تزويد المتمردين بأسلحة أكثر تطوراً. وسنبحث في موقف الدول الأوروبية الأخرى، وإمكانية اتباعها نفس المثال أو التحفظ عنه. وأخيراً، سنقدم تقييماً لفرص إحياء مفاوضات السلام، والتزام الأطراف باتفاقات مينسك.

إف-16
إف-16

خلفية الصراع بين أوكرانيا وروسيا

الصراع بين أوكرانيا وروسيا يعود إلى عام 2014، عندما اندلعت ثورة شعبية في أوكرانيا ضد الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، الذي كان متحالفاً مع روسيا. وقد أدت هذه الثورة، التي عرفت باسم أورومايدان، إلى إطاحة يانوكوفيتش وهروبه إلى روسيا، وإجراء انتخابات جديدة أفضت إلى فوز بيترو بوروشينكو، الذي كان مؤيداً للتقرب من الاتحاد الأوروبي.

روسيا، التي كانت تعتبر أوكرانيا جزءاً من نفوذها التاريخي والثقافي، لم تقبل بهذه التغيرات، وقامت بالتدخل في شؤون أوكرانيا بطرق مختلفة. أولها كان ضم شبه جزيرة القرم، التي تضم قاعدة بحرية روسية هامة، إلى أراضيها في مارس 2014، بعد إجراء استفتاء مثير للجدل لم يعترف به الغالبية الدولية. ثانيها كان دعم الميليشيات المسلحة الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا، وخصوصاً في منطقتي دونباس ولوغانسك، التي أعلنت انفصالها عن أوكرانيا وأطلقت على نفسها اسم جمهورية دونباس الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية.

هذه التحركات الروسية أثارت رد فعل قوي من قبل أوكرانيا، التي اعتبرتها انتهاكاً لسيادتها ووحدتها الإقليمية. وقد شنت أوكرانيا حملة عسكرية لمحاربة الميليشيات المنشقة في شرق أوكرانيا، وطالبت بإعادة القرم إلى حضنها. وقد تحول هذا الصراع إلى حرب غير معلنة بين أوكرانيا وروسيا، خلفت آلاف القتلى والجرحى والنزلاء من الجانبين.

دور الدول الأوروبية في دعم أوكرانيا

أمام هذه التطورات، لم تبقى الدول الأوروبية مكتوفة الأيدي، بل قامت بإظهار تضامنها مع أوكرانيا ومعارضتها لروسيا. وقد اتخذت هذه الدول عدة خطوات لمساندة أوكرانيا والضغط على روسيا، من بينها:

• فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على روسيا، تشمل حظر التعاملات المالية والتجارية والتكنولوجية مع الأفراد والمؤسسات الروسية المرتبطة بالتدخل في أوكرانيا، وتقييد الوصول إلى أسواق الرأسمال والطاقة الأوروبية، وإلغاء بعض الاتفاقات والمشاريع المشتركة مع روسيا.

• إرسال مساعدات عسكرية وإنسانية إلى أوكرانيا، تشمل تقديم الدعم المالي والتدريبي واللوجستي والاستشاري للقوات الأوكرانية، وتزويدها بالأسلحة والذخائر والمعدات الدفاعية، مثل الدروع والمضادات للدبابات والرادارات. كما تشمل تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في شرق أوكرانيا، مثل الغذاء والماء والدواء والمأوى.

• تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا، في خطوة هي الأولى من نوعها، بعد حصولهم على موافقة من الولايات المتحدة التي تصنع هذه الطائرات. وقد أعلنت هولندا عن تبرعها بـ 12 طائرة F-16 في يناير 2023، في حين أعلنت الدنمارك عن تبرعها بـ 8 طائرات F-16 في فبراير 2023. وقد رحب رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي بهذه التبرعات، ووصفها بأنها اتفاقية ثورية، وأن هذه الطائرات ستسهم في تحقيق التفوق الجوي على روسيا.

أوكرانيا ستحصل على مقاتلات F-16 MLU

رأي روسيا في تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا

روسيا، التي تعتبر نفسها الطرف الرئيسي في الصراع مع أوكرانيا، لم تتلقى بصفة حسنة قرار تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا. وقد انتقدت روسيا هذا القرار بشدة، واعتبرته تصعيداً للتوترات وتهديداً للأمن والسلام في المنطقة. وقد أبدت روسيا مخاوفها من تورط الدول الغربية في الصراع، ومن تحول أوكرانيا إلى حليف عسكري للناتو. ومن بين ردود فعل روسيا على هذه المسألة، نذكر:

• إصدار تحذير من قبل نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو، الذي قال إن تزويد أوكرانيا بطائرات F-16 ينطوي على مخاطر هائلة للدول الغربية، وأن روسيا ستأخذ ذلك في الحسبان في جميع خططها، وأن لديها جميع الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف المحددة.

• إصدار بيان من قبل سفير روسيا في الدنمارك فلاديمير باربين، الذي قال إن تبرع الدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا يؤدي إلى تصعيد الصراع، ويحرم أوكرانيا من أي خيار آخر غير مواصلة المواجهة العسكرية مع روسيا. واتهم باربين الدنمارك بالتستر خلف مبرر أن أوكرانيا هي التي تحدد شروط السلام، في حين تسعى إلى تشجيعها على التصعيد.

• إصدار احتجاج من قبل سفير روسيا في الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف، الذي قال إن نقل طائرات F-16 إلى أوكرانيا يثير سؤال اشتراك الناتو في الصراع3. وأضاف أن هذه الخطوة تظهر عزم الغرب على دفع أوكرانيا إلى التحالف مع حلف شمال الأطلسي، وأن ذلك يشكل خطورة على استقرار المنطقة.

القنبلة الانزلاقية المجنحة JSOW تعزز ترسانة مقاتلات الإف-16 المغربية
إف-16

آثار تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا

لا شك أن قرار تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا يمثل تحولاً مهماً في مسار الصراع مع روسيا، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج مختلفة على المستوى العسكري والسياسي والدبلوماسي. ومن بين الآثار المحتملة لهذه الخطوة، نذكر:

• زيادة قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها والهجوم على روسيا، خاصة في المجال الجوي، حيث تعاني أوكرانيا من نقص في الطائرات الحديثة والفعالة. وقد قال رئيس أوكرانيا زيلينسكي إن طائرات F-16 ستساعد في تحقيق التفوق الجوي على روسيا، وستمنح أوكرانيا فرصة لإنهاء الغزو الروسي. وقد أشار إلى أن هذه الطائرات ستستخدم فقط داخل حدود أوكرانيا، ولن تستهدف أهدافاً روسية خارجها.

• تصعيد رد فعل روسيا وتشديد موقفها تجاه أوكرانيا، حيث تعتبر روسيا تزويد أوكرانيا بطائرات F-16 تحدياً لها وتهديداً لأمنها. وقد تلجأ روسيا إلى خطوات مضادة، مثل زيادة التدخل العسكري في شرق أوكرانيا، أو تزويد المتمردين بأسلحة أكثر تطوراً، أو استخدام القوة ضد أهداف أوروبية أو أمريكية. وقد تتخذ روسيا إجراءات انتقامية ضد الدول التي تبرعت بطائرات F-16 لأوكرانيا، مثل فرض عقوبات اقتصادية أو قطع العلاقات الدبلوماسية.

• تأثير على موقف الدول الأوروبية الأخرى تجاه الصراع، حيث قد تشجع بعض هذه الدول على اتباع مثال هولندا والدنمارك، وتبرع بطائرات F-16 لأوكرانيا، خصوصاً إذا كانت تملك هذه الطائرات وتحظى بموافقة الولايات المتحدة. وقد يؤدي ذلك إلى تشكيل تحالف دولي لمساندة أوكرانيا ضد روسيا. أما بعض الدول الأوروبية الأخرى، فقد تظهر حذراً أو معارضة لهذه الخطوة، خشية من تصعيد التوترات مع روسيا، أو من خسارة المصالح التجارية أو الطاقية معها.

الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ سايدويندر وهاربون إلى تايوان للمساعدة في ردع الصين
طائرة أمريكية من طراز F-16 تطلق صاروخ AIM-9X Sidewinder

تأثير تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا على مستقبل السلام

من الواضح أن قرار تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا يمثل عاملاً مهماً في تحديد مصير الصراع مع روسيا، ويمكن أن يؤثر على آفاق التسوية السلمية بين الطرفين. ومن بين العوامل التي تؤثر على هذه الآفاق، نذكر:

• مدى التزام أوكرانيا وروسيا باتفاقات مينسك، التي تم التوصل إليها في 2015 بوساطة من فرنسا وألمانيا، وتهدف إلى وقف إطلاق النار وسحب الأسلحة الثقيلة وإجراء انتخابات محلية وإعادة السيطرة الحدودية لأوكرانيا. وقد شهدت هذه الاتفاقات تجاوزات متكررة من قبل الطرفين، ولم تتحقق أهدافها بالكامل. وقد يؤدي تزويد أوكرانيا بطائرات F-16 إلى تقويض هذه الاتفاقات، أو إلى دفع الطرفين إلى التفاوض على شروط جديدة.

• مدى دعم المجتمع الدولي لحل سلمي للصراع، وخصوصاً دور الولايات المتحدة، التي تعتبر حليفة قوية لأوكرانيا، وخصمة رئيسية لروسيا. وقد أبدت الولايات المتحدة موافقتها على تبرع هولندا والدنمارك بطائرات F-16 لأوكرانيا، وأعلنت عن دعمها لسيادة وأمن أوكرانيا. وقد تلعب الولايات المتحدة دوراً حاسماً في التوسط بين أوكرانيا وروسيا، أو في تصعيد الموقف ضدهم.

• مدى استعداد أوكرانيا وروسيا لإجراء حوار مباشر وبناء ثقة متبادلة، من خلال التخفيف من حدة التصريحات المتشنجة والإجراءات المستفزة، والتعامل مع القضايا المشتركة بروح التعاون. وقد يؤدي تزويد أوكرانيا بطائرات F-16 إلى زعزعة هذه الثقة، أو إلى خلق فرصة للحوار حول كيفية منع استخدامها في سبيل التصعيد.

خلاصة

في هذه المقالة، قمنا بتسليط الضوء على موضوع تصريحات السفير الروسي حول تسليم مقاتلات إف-16 التي وصفها بالتصعيد، واستعرضنا أبرز الجوانب والآثار المتعلقة بهذا الموضوع. وقد خلصنا إلى أن هذا الموضوع يمثل عاملاً مهماً في تحديد مصير الصراع بين أوكرانيا وروسيا، ويمكن أن يؤثر على آفاق التسوية السلمية بين الطرفين.

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوكرانيا تتلقى مقاتلات حديثة من طراز F-16AM/BM Block 20 MLU مع القدرة على إطلاق صواريخ جو-جو ورادار محسن بمدى يزيد عن 110 كم

أوكرانيا تتلقى مقاتلات حديثة من طراز F-16AM/BM Block 20 MLU مع القدرة على إطلاق صواريخ جو-جو ورادار محسن بمدى يزيد عن 110 كم

هل ستتحدى طائرات JAS-39 Gripen سوخوي الروسية في أوكرانيا؟

ليس فقط إف-16: أوكرانيا تريد مقاتلات Saab JAS 39 Gripen، والطيارون الأوكرانيون يختبرون الطائرة بالفعل في السويد