نور الدين
تتجه الصين لتعزيز نفوذها في منطقة الخليج مستغلة جمود العلاقات السعودية الأمريكية بعد زيارة الرئيس بايدن للمملكة في يوليو.
أراد بايدن أن تزيد المملكة العربية السعودية من إنتاج النفط ، وهو ما لم يجده السعوديون في صالحهم.
كانت دول الخليج بشكل عام والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص تربطها علاقات قوية مع بريطانيا ثم أمريكيا في المقام الأول بسبب احتياطياتها الغنية من الهيدروكربونات.
وصلت التوترات بشأن قرار المملكة العربية السعودية مع أوبك + لخفض إنتاج النفط إلى مستويات جديدة عندما اتخذ البيت الأبيض خطوة غير مسبوقة للنزاع العلني في دفاع المملكة ، مما يمثل تحولًا في العلاقات طويلة الأمد بين البلدين.
شي جين بينغ يملأ الفجوة
في الأسبوع الماضي ، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة إلى المملكة العربية السعودية. إلى جانب إجراء محادثات مع ولي العهد ، تفاعل أيضًا مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي. وقالت مصادر إعلامية عديدة إن المحادثات كانت بناءة ومثمرة.
سافر الرئيس شي إلى الخليج في وقت حرج. حيث لا تزال الحرب في أوكرانيا مستمرة في التصاعد: تأثيرها يكاد يكون عالميًا. ورغم جهود المجتمع الدولي لإنهاء القتال ، إلا أنه لا يزال بعيد المنال.
تتفاقم الأزمة الاقتصادية ، وأصبحت مشكلة الغذاء مقلقة ، لا سيما في البلدان الفقيرة.
وبصرف النظر عن البعد العالمي للركود الاقتصادي ، فإن الرئيس شي هو ثاني رئيس قوة عظمى يزور السعودية هذا العام. سيسجل التاريخ المعاصر تطورًا هامًا في تشكيل منطقة الخليج ، التي كانت تحت التأثير الأنجلو أمريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
لم يتخيل المراقبون أبدًا أن يأتي يوم تتعرض فيه العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لانتكاسة.
على الرغم من أن احتياطيات النفط والغاز في منطقة الخليج كانت المصدر الرئيسي للعلاقات الودية بين العرب والكتلة الأنجلو أمريكية ، إلا أن دول الخليج سعيدة بتوسيع نطاق العلاقات لتشمل العديد من المجالات الأخرى التي تؤدي إلى تحسين الحياة بشكل عام في المنطقة بأكملها.
وأبلغ شي القمة الخليجية أنه يجب أن يكون هناك نموذج جديد للتعاون في مجال الطاقة وحاول تعزيز دور اليوان كعملة لتداول النفط والغاز – وهي خطوة قد تضعف الهيمنة العالمية للدولار الأمريكي إذا نجحت. تركز الصين على إدخال اليوان كعملة بديلة لتجارة النفط والغاز.
الصين هي أكبر مستورد للنفط من الخليج ، وقال شي في الاجتماع إن بلاده ستواصل استيراد كميات كبيرة من النفط الخام على المدى الطويل من دول مجلس التعاون الخليجي وشراء المزيد من الغاز الطبيعي.
وأكد أن “منصة بورصة شنغهاي للبترول والغاز الطبيعي ستستخدم بالكامل لتسوية اليوان في تجارة النفط والغاز”.
كما عرض شي 5 مليارات يوان (718 مليون دولار أمريكي) كمساعدات تنموية للدول العربية. وأعلن عن منح الدول الأقل نموا في المنطقة حرية الوصول معفاة من الرسوم الجمركية. وذكرت وزارة الخارجية الصينية أن الصين سترسل 500 خبير زراعي إلى المنطقة لتعزيز إنتاج الغذاء وتكثيف التبادلات العسكرية والأمنية.
يُنظر إلى شراء الذهب أيضًا على أنه وسيلة للصين لخفض نسبة الأصول بالدولار الأمريكي التي تحتفظ بها. وفقًا لأحدث الأرقام الرسمية ، شكلت أصول الصين بالدولار الأمريكي 59٪ من احتياطيات النقد الأجنبي في عام 2016.
وقعت المملكة العربية السعودية صفقة مع شركة “هواوي” الصينية خلال زيارة الرئيس الصيني شي على الرغم من المخاوف الأمنية الأمريكية. في غضون ذلك ، عرضت بكين دعمها للجهود العربية لحل الأزمات في سوريا وليبيا واليمن.
وحصلت بكين على دعم موقفها من تايوان ومواضيع حساسة أخرى ، ببيان مشترك من القمة الصينية العربية الذي يرفض استقلال تايوان وتعهد بدعم جهود بكين للحفاظ على الأمن القومي في هونج كونج.
كما أعربت عن تقديرها “للجهود المهمة المبذولة لرعاية الأقليات على الجانبين العربي والصيني” – في إشارة مستترة إلى الانتقادات الغربية لمعاملة الصين للأويغور وأفراد الأقليات المسلمة الأخرى في شينجيانغ.
كما اتفقت الصين ودول الخليج على إقامة منتدى مشترك حول استخدام التكنولوجيا النووية ، مع توفير الصين للتدريب ، وزيادة التعاون في مجال الفضاء في مجال الاستشعار عن بعد وأقمار الاتصالات.
كما عرض شي برنامج الفضاء الصيني ، قائلاً: “ترحب الصين برواد فضاء دول مجلس التعاون الخليجي في محطتها الفضائية للقيام بمهام مشتركة وتجارب في علوم الفضاء” ، مضيفًا أنه سينظر في إنشاء مركز مشترك بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي لاستكشاف القمر والفضاء العميق.
في إطار مساعي الصين المستمرة لتعزيز مكانتها في الشرق الأوسط ، ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أيضًا أن نائب رئيس الوزراء هو تشون هوا سيزور الإمارات العربية المتحدة وإيران في رحلة تستغرق أربعة أيام تبدأ يوم السبت الماضي.
