نور الدين
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الصفقة الملغاة كانت ستجلب استثمارًا بقيمة 25 مليار دولار إلى المملكة.
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الخميس الماضي أن شركة تصنيع الأسلحة الأمريكية RTX ألغت صفقة بمليارات الدولارات مع شركة أسلحة سعودية بسبب مخاوف من أن الأخيرة كانت تمارس أعمالًا مع كيانات روسية وصينية خاضعة للعقوبات.
وقال أشخاص مطلعون على المحادثات لصحيفة وول ستريت جورنال إن عدم الارتياح بشأن التعامل مع كيانات من موسكو وبكين أدى أيضًا إلى استقالة المجلس الاستشاري للشركة السعودية، سكوبا ديفينس، والذي كان مكونًا من ضباط عسكريين أمريكيين متقاعدين، من الشركة.
السعودية تفتح مصنع لإنتاج أنظمة الدفاع الجوي “ثاد”
وفي عام 2022، وقعت شركة RTX التي كانت تعرف سابقًا باسم Raytheon Technologies، وScopa مذكرة تفاهم لإنشاء مصنع في المملكة لأنظمة الدفاع الجوي لحماية الرياض من الهجمات الجوية.
وكانت الخطة، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، هي الجمع بين الرادارات والعديد من أنظمة الدفاع الجوي التي يمكنها اعتراض عدد لا يحصى من الطائرات بدون طيار والصواريخ. وواجهت المملكة هجمات بطائرات بدون طيار في الماضي، بما في ذلك هجوم كبير عام 2019 على منشآت النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية.
وقال نصر الغريري، الرئيس التنفيذي السابق لشركة سكوبا الذي تم فصله في وقت سابق من هذا العام، إنه كان من المتوقع أن تكون الصفقة المقترحة بمثابة استثمار بقيمة 25 مليار دولار في المملكة العربية السعودية، وكان من شأنها أن تجلب مبيعات بقيمة 17 مليار دولار.
وقال مالك شركة سكوبا، محمد العجلان، إنه أنشأ أيضًا شركتين أخريين، هما شركة تل للصناعات العسكرية وشركة Sepha للصناعات العسكرية.
وذكرت وول ستريت جورنال، نقلاً عن سجلات الشركة، أنه قام بتعيين مسؤول تنفيذي من شركة روسية خاضعة لعقوبات الولايات المتحدة لإدارة Sepha، واستأجر مواطنًا صينيًا لإدارة شركة Tal، التي شاركت في محادثات بشأن صفقات مع الشركات الصينية التي فرضت عليها واشنطن أيضًا عقوبات. وأضافت الصحيفة أن Sepha أجرت أيضًا مناقشات مع الشركات الروسية والبيلاروسية التي تواجه عقوبات غربية.
وذكرت الصحيفة أن الشركتين السعوديتين Tal وSepha شاركتا أيضًا خوادم الكمبيوتر مع الموظفين في Scopa، حيث كانت Scopa تتطلع إلى الوصول إلى البيانات الحساسة من RTX.
وأظهرت إحدى الوثائق أن Sepha كانت تتطلع إلى “تسويق الذخيرة والدروع الواقية ومعدات المراقبة الروسية في المملكة العربية السعودية، وتجميع طائرات هليكوبتر هجومية روسية هناك، وتصنيع مركبات مدرعة مع شركة الصناعات العسكرية الروسية”.
السعودية تفتح مصنع لإنتاج أنظمة الدفاع الجوي “ثاد”
وكانت المملكة العربية السعودية قد دشنت مصنعًا ، قبل 8 أشهر تقريبًا من الآن، لتصنيع وحدات الطاقة الرئيسية لرادارات الدفاع الصاروخي.
وقيل حينها أن الإنتاج المحلي لمكون رئيسي لرادار الدفاع الصاروخي AN/TPY-2 سيبدأ في مدينة جدة. ويعد رادار AN/TPY-2 ضمن منظومة ثاد (THAAD) التي تعد من أحد أفضل أنظمة الدفاع الجوي المُتطورة والحديثة.
في برنامج هو الأول من نوعه في المملكة العربية السعودية ، ستتعاون شركة محلية مع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية لإنتاج أجزاء من نظام الدفاع الجوي بعيد المدى ثاد ، حسبما أوردته وسائل الإعلام العالمية.
وأعلنت الهيئة العامة للصناعات العسكرية ، خلال معرض الدفاع العالمي بالرياض ، الذي أقيم في الفترة من 6 إلى 9 مارس 2022 ، عن موافقتها على مشروعين محليين لنظام الدفاع الجوي ثاد: الأول لتصنيع قاذفات الصواريخ الاعتراضية ، والثاني لإنتاج حاويات الصواريخ الاعتراضية.
في أكتوبر 2017 ، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع عسكري أجنبي إلى المملكة العربية السعودية يشمل أنظمة ثاد وما يرتبط بها من دعم ومعدات وخدمات بتكلفة تقديرية بلغت 15 مليار دولار. بعد حوالي عام ، في نوفمبر 2018 ، وقعت المملكة خطاب عرض وقبول مع الولايات المتحدة بخصوص ثاد الذي تصنعه شركة لوكهيد.
وتأتي هذه المشاريع في إطار جهود المملكة العربية السعودية لإنفاق 50٪ من أموالها المخصصة محليًا للمعدات والخدمات الدفاعية بحلول عام 2030 ، وفقًا لبيان صادر عن الهيئة العامة للصناعات العسكرية.
التوازن السعودي
وعلمت السفارة الأمريكية في الرياض بالمحادثات التي أجرتها Tal وSepha مع الشركات الصينية والروسية في وقت مبكر من أغسطس 2022، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال. وأخبرت السفارة سكوبا أن ذلك “يمكن أن يعيق بشكل خطير قدرة سكوبا على الدخول في اتفاقيات تعاقدية مع شركات الدفاع الأمريكية”.
ونفى العجلان التعامل مع شركات روسية، وقال إن أي تعاملات مع الشركات الصينية تقتصر على تأمين المواد الخام لاستخدامها في إنتاج الذخيرة والعربات المدرعة.
وقال العجلان في مقابلة مع وول ستريت جورنال: “نحن لا نعمل مع أي شركة عليها عقوبات دولية”.
وأضاف أن أي تلميحات بأنه كان يعمل مع شركات خاضعة للعقوبات “محض شائعات وغير دقيقة وغير منطقية وغير واقعية”.
وقال مسؤول أميركي للصحيفة إن واشنطن على علم بالمخاوف من أن شركات العجلان تتعامل مع كيانات روسية وصينية خاضعة للعقوبات.
وتأتي الصفقة الفاشلة في الوقت الذي سعت فيه المملكة العربية السعودية إلى موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة والدول الغربية وعلاقاتها مع خصوم أمريكا، الصين وروسيا.
وفي السنوات الأخيرة، اقتربت المملكة العربية السعودية من الصين، أكبر شريك تجاري لها، وفي هذا العام تمت دعوة المملكة الخليجية للانضمام إلى مجموعة البريكس للاقتصادات الناشئة.
وفي العام الماضي، استضافت الرياض الرئيس الصيني شي جين بينغ لحضور قمة إقليمية، حيث توسطت بكين في مارس/آذار الماضي في التقارب بين المملكة ومنافستها الرئيسية في المنطقة، إيران.
لكن المملكة لا تزال تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمني الأمريكي وتريد أن توافق واشنطن على اتفاقية دفاع مشترك مقابل أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل.
وذكرت وول ستريت جورنال أنه بالإضافة إلى RTX، تراجعت شركات غربية أخرى بما في ذلك شركة Beretta Defense Technologies الإيطالية وشركة بناء السفن Fincantieri SpA، عن العمل مع Scopa – وكان قرار التخصيم هو مخاوفهم بشأن الأعمال الروسية والصينية.
