نور الدين
يوضح حادث سقوط صاروخين في بولندا الثغرات العديدة في شبكة الدفاعات الجوية المشتركة لحلف الناتو ، مما يجعل مواجهة العديد من التهديدات المعاصرة أمرًا صعبًا.
قبل الضربة الصاروخية في 15 نوفمبر على قرية برزيودو الواقعة على الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد ، كانت بولندا ، العضو في الناتو ، قد عززت دفاعاتها الجوية. وفقًا للمحللين، سيستغرق درع الدفاع الجوي للجناح الشرقي لحلف الناتو وقتًا طويلاً حتى يصل إلى مستوى الكمال ، خاصة بعد عقود من الإهمال في هذه المنطقة.
في 16 نوفمبر ، أشار كل من الرئيس البولندي أندريه دودا والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ إلى أن صواريخ الدفاع الجوي الأوكرانية ربما هس سبب الحادث. وفقًا لستولتنبرغ ، ربما تم إرسال تلك الصواريخ لاعتراض صاروخ كروز روسي ، لكنها ربما انحرفت عن مسارها وسقطت في بولندا بدلاً من ذلك.
يمكن أن يحدث هذا النوع من الحوادث في أي نزاع عسكري ، لكنه يوضح أيضًا الحاجة الملحة لإصلاح منظومة الدفاع الجوي لحلف الناتو ، لا سيما في ضوء احتمالية حدوث أحداث غير مقصودة قد تساهم في تفاقم الأوضاع.
وحذر خبير في الدفاع الجوي في حلف شمال الأطلسي لم يذكر اسمه: “إنها مسألة وقت فقط قبل وقوع حوادث”.
قامت العديد من الدول الأوروبية بحل عدد من وحدات الدفاع الجوي وخفض حجم القوات المتبقية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة لأنهم اعتقدوا أنهم سيتعين عليهم التعامل فقط مع التهديدات البسيطة ، مثل إيران.
منذ أن بدأت روسيا حملتها العسكرية في أوكرانيا واستخدام إيران لترسانتها الصاروخية والمركبات الجوية غير المأهولة لإثبات قوتها في ساحة المعركة في الشرق الأوسط ، شهدت هذه العقلية تحولًا كبيرًا. كان على العديد من دول الناتو التصرف بسرعة لحيازة مخزونات مهمة من الذخيرة ومعالجة المشكلات المتعلقة بأنظمة الدفاع الجوي.
خلال الحرب الباردة ، كان لدى ألمانيا 36 نظامًا صاروخيًا مضادًا للطائرات من طراز “باتريوت” ، ولا تزال بحاجة إلى مساعدة الناتو. فقط 12 نظام باتريوت منها صالحة للاستخدام الآن ، اثنان منها موجودان في سلوفاكيا. كانوا يمتلكون في السابق حزام دفاع جوي حقيقي. الأمور اليوم بعيدة كل البعد عن هذا” ، حسبما قاله الخبير الذي لم يذكر اسمه.
وقعت ألمانيا وبريطانيا العظمى وسلوفاكيا والنرويج ولاتفيا والمجر وبلغاريا وبلجيكا وجمهورية التشيك وفنلندا وليتوانيا وهولندا ورومانيا وسلوفينيا في منتصف أكتوبر بشكل جماعي على وثيقة تحث على أهمية الحصول على نظام الصواريخ الألماني قصير المدى IRIS-T ، وكذلك الصواريخ بعيدة المدى المضادة للطائرات مثل باتريوت الأمريكي و Arrow 3 الإسرائيلي.
لا يعني هذا الإجراء أن حكومات هذه الدول قد وافقت على شراء أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى وتقديم الطلبات للشركات المصنعة ، ولكنها جزء من محاولة لسد الفجوة في الدفاع الجوي لحلف الناتو.
تم تقديم البرنامج استجابة لطلبات أوكرانيا المتكررة لمساعدتها من قبل الدول الغربية في تطوير أنظمة دفاع جوي معاصرة لمواجهة الضربات الجوية الروسية. في محاولة لمساعدة كييف عسكريًا ، استنفد العديد من الدول مخزوناتها ، مما أدى إلى تفاقم نقص الأسلحة.
استثمرت وارسو على مر السنين لتحسين قدراتها الدفاعية الجوية ، لكنها لا تزال تستخدم العديد من أنظمة الحقبة السوفيتية مثل OSA و 2K12 Kub. وقال المحلل الدفاعي ماريك سويرتشينسكي: “تحتاج بولندا إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة وأن تكون قادرة على السيطرة على مناطق واسعة في غضون السنوات العشر القادمة”.
ومع ذلك ، فإن عملية تنفيذ الطلبيات والعقود بطيئة ، وتستغرق الأنظمة الجديدة سنوات للوصول إلى الاستعداد القتالي الكامل.
دعمت الولايات المتحدة بولندا خلال الأشهر القليلة الماضية ، لكن أنظمة الدفاع الجوي مثل باتريوت لا تزال غير كافية للسيطرة على المجال الجوي بأكمله والاستجابة بسرعة على المواقف غير العادية في الجو. كما أن ظهور العديد من مجمعات الدفاع الجوي الحديثة لا يضمن القدرة على اعتراض الصواريخ القادمة من الدول المجاورة.
قال سويرشينسكي: “يمكن للبلدان ضخ أطنان من المال في أنظمة الدفاع الجوي ، لكنها لن تبني درعًا دفاعيًا قادرًا على اعتراض 100٪ من الأهداف. أي أن ما حدث في 15 نوفمبر قد تتكرر أكثر من مرة”.
