نور الدين
يُشكّل الإحتكاك مع الهواء في الغلاف الجوي مشكلة كبيرة للطيارين ورواد الفضاء على حد سواء، ففي ستينات القرن الماضي اخترع الأمريكيون أسرع طائرة في العالم SR-71 (بلغت سرعتها 3.3 ماخ)، ورُغم تحليقها على ارتفاع 25 ألف متر حيث يوجد هواء أقل لا زالت ترتفع حرارتها بشكل خطير على الطيارين وأنظمة الطائرة رغم امتلاكها درعاً حرارياً! فخرجت من الخدمة ولم تُصنع طائرة أسرع منها حتى اليوم بسبب مشكلة الحرارة.
لكن مركبات الفضاء ليست بحاجة للطّيران فتراتٍ طويلة في الغلاف الجوي أو بسرعات فائقة لذلك فإن وجود الدرع الحراري كفيل بحماية الرواد فترة كافية حتى وصولهم الى الأرض بأمان… لكن كيف يعمل؟
الدرع الحراري عبارة عن غطاء عازل يتم تثبيته على سفينة الفضاء، أو مقدمة الصاروخ المخروطية الشكل. يحمي الدرع رواد الفضاء والمعدات من الحرارة الهائلة أثناء الطيران بسرعات عالية جدًا خلال الغلاف الجوي.
الأنواع الشّائعة من الدرع الحراري هي البالوعات الحرارية، وحاجبات التّخوية. وتقوم البالوعة الحرارية بامتصاص كميات هائلة من الحرارة، وهو ما يمنع الحرارة من التأثير على أجزاء حساسة في المركبة الفضائية. أما حاجبات التخوية فتستنفد الحرارة عن طريق الإنصهار والتّبخر حيث تنصهر أجزاؤها وتتبخر فيقوم التيار الهوائي بحمل الجزيئات المنصهرة، وبخار الغاز الساخن بعيدًا عن المركبة. والمواد التي تستخدم في صناعة الدرع الحراري هي غالبًا الجرافيت، ومشتقات الجرافيت، والسيراميك المسامي.
بالنسبة للطائرة SR-71 كان درعها الحراري مصنوعاً من التيتانيوم (الذي يتوفر فقط في الاتحاد السوفيتي فاضطرت امريكا الى شرائه عن طريق شركات وهمية) وقامو لاحقاً بطلائها بالأسود لأنه يساعد في عزل الحرارة حتى اشتهرت باسم “الطائر الأسود”.
