قبل أيام قليلة صدر بيان غامض عن وزارة الدفاع الروسية تضمن الآتي: “في الأول من تموز /يوليو، اندلع حريق في جهاز للأبحاث في أعماق البحار مصمم لدراسة الفضاء السفلي وقاع المحيط لصالح البحرية الروسية. وقد وقع الحادث في المياه الإقليمية الروسية ونتج عنه مصرع 14 بحارا”.
بداية لم يعرف كثيرين معنى هذا الخبر الذي يشير لجهاز مدني متعلق بأبحاث البحار، بينما في الحقيقة أن هذا خبر غاية في الأهمية للعسكريين خاصة الأمريكيين والمقصود به حادث لغواصة عسكرية غاية في السرية ولا يوجد مكافئ لها في العالم.
الغواصة الروسية المقصودة هي Losharik تتبع ادارة ما يسمى بأبحاث اعماق البحار التابعة لوزارة الدفاع الروسية التي تتبع لها غواصات وسفن “بحثية”. لفترة طويلة لم يكن معروفا الغرض الرئيسي من هذه الغواصة حتى العام 2015 حيث أعلن مسؤولون بالبنتاغون أنها غواصة عسكرية استخباراتية ويمكنها القيام بأعمال تجسسية وأعمال تخريبية على كابلات الاتصالات والأنترنت والقيام بمهام خاصة في أعماق البحار والمحيطات.
Losharik هي غواصة أغراض خاصة تعمل بالطاقة النووية وطاقمها مكون من 25 فرداً غير مسلحة يمكنها العمل على أعماق تصل حتى 6 كيلو متر (ونفذت غي العام 2012 عمليات لدراسة الجرف القاري الروسي تحت القطب الشمالي على عمق 2.5-3 كيلو متر ولمدة 20 يوما).
ولمعرفة قدراتها الخارقة في الغوص يكفي أن تعرف أن الغواصات النووية والتقليدية يمكنها الغوص لاعماق 400 – 600 متر فقط وتملك أمريكا غواصة أعماق من فئة NR1 يمكنها الغوص لعمق 950 متر، بينما AS-12 Losharik يمكنها الغوص حتى 6000 متر.
وتعتبر غواصة Losharik الأكثر صمتا مقارنة بجميع الغواصات في العالم حيث لا يمكن لأجهزة الكشف الصوتية والمغناطيسية كشفها عندما تعمل في الأعماق، كون أن الموجات الصوتية الصادرة عن أجهزة السونار تتلاشى في تضاريس المحيط ولا ترتد للسونار، كما أن تحديد موقع الغواصة بأجهزة الكشف المغناطيسية مستحيل بوجود التداخل المغناطيسي للصخور في قاع البحار والمحيطات وكمثال: أثناء تدريبات للبحرية الأمريكية لم تتمكن أجهزة الكشف الصوتية والمغناطيسية من كشف غواصة الأعماق الأمريكية NR1 التي تغوص لعمق 950 متر بسبب تضاريس الأعماق والتداخل المعناطيسي. فكيف يمكن كشف غواصة على عمق يصل 6000 متر.
وبدأ بناء غواصة Losharik في العام 1988 وتوقف بعد تفكك الاتحاد السوفيتي قبل أن يُستكمل في وقت لاحق حيث دخلت الخدمة في العام 2003. يبلغ طول الغواصة بين 60 و70 متر وصمم داخل بدنها بشكل 6 كرات مصنوعة من التيتانيوم متصلة ببعضها، هذا التصميم رغم أنه يقيد المساحة الداخلية للغواصة لكنه يمنح جسمها صلابة لتحمل ضغط الغوص لأعماق كبيرة. ويمكن لغواصة معدلة من الغواصة النووية الاستراتيجية Delta III-class حملها أسفل بدنها.
بالعودة إلى خبر الحادث الذي تعرضت له قبل أيام، فهو كان محدوداً ولم يخرجها من العمل نهائيا وعادت لقاعدتها في سيفيرومورسك. وقتل في الحادث 14 من أفراد الطاقم وكان سبب الحريق حسب الروس في حجرة البطارية ولم يصب المفاعل النووي بأذى وسيتم إصلاحها وإعادتها للخدمة ولكن يبقى الروس غامضين في تقديم التفسيرات للحوادث في الأسلحة السرية والغرب يشكك دوما في الروايات الروسية.
المصدر: الموسوعة العسكرية السورية