نور الدين
موقع الدفاع العربي – 6 يوليو 2025: تواصل تركيا تعزيز قدراتها الدفاعية بتطوير منظومات صاروخية متقدمة، يأتي في مقدمتها صاروخ “سيبر 2” الذي من المقرر أن يدخل الخدمة قبل نهاية العام الجاري، بمدى يصل إلى 150 كيلومترًا، ما يعكس التقدم التقني الكبير الذي تشهده صناعة الدفاع التركية.
وفي حوار خاص مع الخبير الأمني الدكتور إيراي غولر، تم تسليط الضوء على تفاصيل هذا المشروع الطموح، وأهمية صاروخ “سيبر 2” في منظومة الدفاع الجوي التركية.
وأشار الدكتور غولر إلى أن صاروخ “سيبر 2” قد دخل مرحلة الإنتاج التسلسلي، وسيتم توزيعه على وحدات الدفاع الجوي التركية خلال العام المقبل. كما كشف عن تطوير صاروخ “سيبر 3” الذي تخطى اختباره بنجاح، ومن المتوقع تسليمه مبكرًا عام 2027، بمدى يتجاوز 300 كيلومتر، متفوقًا بذلك على صواريخ إس-300 الروسية، مع خطة لزيادة المدى إلى 600 كيلومتر بحلول عام 2028، مما يتيح لتركيا تجاوز تقنيات صواريخ إس-400.
وتأتي هذه التطورات مدعومة برادارات متطورة من إنتاج شركة “أسيلسان”، تتميز بقدرتها على رصد الأهداف بدقة فائقة من مسافات تصل إلى 500 كيلومتر، مع تمييز دقيق لأنواع الطائرات والطائرات المسيرة، وتصنيفها كصديقة أو معادية، مما يعزز بشكل كبير من فعالية منظومة الدفاع الجوي التركية.
وأكد الدكتور غولر أن دقة الإصابة تصل إلى 99.8%، ما يجعل هذا النظام متفردًا عالميًا، ويعكس قدرة تركيا على دمج التكنولوجيا المتقدمة في منظومات دفاعية متكاملة.
في سياق متصل، تناول الخبير الأمني موضوع رفع الناتو لنسبة الإنفاق الدفاعي إلى 5%، معربًا عن اعتقاده بأن تركيا تمتلك فرصة تاريخية لتوسيع صادراتها الدفاعية إلى الأسواق الأوروبية، التي تواجه تحديات أمنية متزايدة وتعتمد بشكل متنامٍ على التكنولوجيا التركية الحديثة.
وأوضح أن عوامل النجاح في التصدير تكمن في توفر الإرادة السياسية، والتفوق التكنولوجي، واحتياجات السوق، وجميع هذه العوامل متوفرة حاليًا لدى تركيا.
وأشار إلى أن تركيا بدأت بالفعل تصدير نسخ متطورة من أنظمتها الدفاعية إلى دول مثل إيطاليا وفرنسا، بالإضافة إلى حليف مثل باكستان، حيث أسهمت هذه التقنيات في تغيير موازين القوى في مناطق حساسة مثل كشمير.
أُطلق مشروع “سيبر” للدفاع الجوي في تركيا بموجب عقد أُبرم عام 2018 بين رئاسة الصناعات الدفاعية وشراكة تجمع كبرى المؤسسات الوطنية: أسيلسان، و روكيتسان، و توبيتاك ساجي. يهدف المشروع إلى تلبية حاجة تركيا إلى نظام دفاع جوي بعيد المدى وعالي الارتفاع، وهي حاجة تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، مع التركيز على استخدام الموارد المحلية وتطوير قدرات وطنية مستقلة في هذا المجال الحيوي.
تتولى كل شركة من الشركاء في المشروع مهام متخصصة ضمن نطاق خبرتها. أسيلسان مسؤولة عن تطوير عدد من مكونات النظام الرئيسية، من بينها مركز قيادة الأسطول، رادار البحث، مركز التحكم الناري، رادار التحكم الناري، عربات الاتصال، وعربات ترحيل الإشارة. في المقابل، تعمل توبيتاك ساجي على تصميم وتطوير الرؤوس الحربية الخاصة بالصواريخ، بينما تتولى روكيتسان إنتاج المحركات الصاروخية.
يعتمد نظام الدفاع الجوي “سيبر” على بنية معمارية موزعة، تتيح نشره حول المنشآت الاستراتيجية والبنية التحتية الحيوية وحتى المناطق النائية. وتتكوّن كل بطارية دفاعية من أربع وحدات إطلاق صواريخ عمودية، وحدتين لنقل وتحميل الصواريخ، رادار للبحث، مركز للتحكم الناري، رادار للتحكم الناري، مركز قيادة للأسطول، وثلاث عربات اتصال.
يتميّز رادار البحث (النسخة الحالية) بقدرته على تغطية المجال الجوي بزاوية 360 درجة، حيث يمكنه اكتشاف الطائرات، المروحيات، صواريخ كروز، الذخائر الجوية، والطائرات بدون طيار على مسافة تتجاوز 200 كيلومتر، وفي نطاق ارتفاع يتراوح من 0.1 إلى 30 كيلومترًا. ومن خلال رادار التحكم الناري، يمكن للنظام الاشتباك مع ما يصل إلى عشرة أهداف في وقت واحد، ما يمنحه قدرة قتالية متقدمة في مواجهة التهديدات الجوية المعقدة.
ويمثل “سيبر” خطوة نوعية في مسار الاعتماد الذاتي التركي في الصناعات الدفاعية، معزّزًا مكانة تركيا ضمن قائمة الدول القادرة على إنتاج أنظمة دفاع جوي متكاملة، قابلة للتطوير ومدعومة بخبرات محلية بالكامل.
