in

روسيا تُطلق قاذفة TU-160 في المعركة للمرة الأولى — هل هو رد انتقامي بعد خسارة كبيرة في صفوف قاذفاتها الاستراتيجية بضربات المسيرات الأوكرانية؟

روسيا تمتلك صاروخ كروز Kh-BD الذي لا يزال غامضًا: وهو قادر على تغطية جميع أنحاء أوروبا، ويمكن حمل عشرات منه بواسطة قاذفة Tu-160

موقع الدفاع العربي – 6 يوليو 2025: لفترة طويلة، ظل قاذف القنابل الاستراتيجي TU-160 Blackjack جوهرة روسيا الثمينة، وهي قاذفة نووية نادرة مُصممة للردع وليس للحروب اليومية. لكن كل شيء تغير في يونيو 2025.

بعد واحدة من أعنف هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية على القاذفات الاستراتيجية الروسية، ردّت موسكو بقوة ودقة ورمزّية عالية. لم يكن ردًا عسكريًا فحسب، بل كان رسالة واضحة. لأول مرة في التاريخ، دخلت الـTU-160 ميدان القتال فعليًا. فما سبب هذا التوقيت؟ وماذا يعني ذلك لمستقبل الحرب؟

في الأسبوع الأول من يونيو 2025، شهد الصراع الروسي الأوكراني تحولًا جذريًا. في السادس من يونيو، اتخذت روسيا قرارًا دراماتيكيًا بنشر أندر وأحدث قاذفاتها الاستراتيجية، TU-160M Blackjack، في مهمة قتالية حقيقية لأول مرة. لم تكن رحلة اختبار أو استعراض قوة، بل مهمة تشغيلية كاملة أطلقت خلالها صواريخ كروز على أهداف أوكرانية.

هذا القرار جاء ردًا على هجوم أوكراني جريء بتاريخ 1 يونيو ضمن عملية أطلقت عليها اسم “خيوط العنكبوت”، حيث شنّت القوات الأوكرانية سلسلة من هجمات الطائرات المسيرة طويلة المدى عبر الأراضي الروسية. لم تكن هذه ضربات رمزية، بل كانت عمليات تخريب استراتيجية استهدفت قواعد جوية عميقة مثل بالايا قرب إركوتسك وأولينيا في منطقة مورمانسكي النائية، مما أسفر عن تدمير أو تعطيل حوالي 40 طائرة روسية، منها قاذفات TU-22 Backfire وTU-95 Bear، والتي تُعتبر عماد القدرة الروسية على الضربات بعيدة المدى.

وأكدت تقييمات عسكرية غربية أن العملية قضت على نحو 10% من أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسية، فيما ذهبت تقارير استخباراتية أمريكية إلى حد تقدير الخسائر بأكثر من 10 طائرات مدمرة من بين 20 مستهدفة.

كان هذا نكسة عسكرية واهانة للكرامة الروسية، وروسيا لم تكن لتتقبل الأمر بصمت.

وبدخول الـTU-160M إلى المعركة في 6 يونيو، بعد خمسة أيام فقط من الهجوم بالطائرات المسيرة، أقلعت طائرتان من هذا النوع في إطار موجة ردّ انتقامي. أطلقت التشكيلة 36 صاروخ كروز KH-101 استهدفت البنى التحتية العسكرية الأوكرانية. ورغم أن تقييم الأضرار لا يزال سريًا، إلا أن الرسالة واضحة: روسيا تثبت أنها ما زالت تحتفظ بقدرة تصعيدية حتى بعد الضربة القاسية.

حمل نشر الـTU-160 رسالتين أساسيتين. أولًا، أن روسيا قادرة على التعافي سريعًا من الخسائر الاستراتيجية، وثانيًا، أنها مستعدة لاستخدام أقوى أوراقها ليس في الحرب النووية، بل في الردّ التقليدي المكثف.

قاذفة الصواريخ الاستراتيجية المطورة من طراز Tu-160M تقوم بأول رحلة لها، إليكم ما يجعلها "خطيرة للغاية"
قاذفة الصواريخ الاستراتيجية المطورة من طراز Tu-160M

فما هي الـTU-160M ولماذا يمثل ظهورها في المعركة منعطفًا مهمًا؟

الـTU-160M ليست مجرد قاذفة قنابل عادية، بل هي أسرع وأقوى قاذفة تشغيلية في العالم اليوم، تحفة تصميم من الحقبة السوفييتية مزودة بتحديثات متقدمة من القرن الحادي والعشرين.

تصل سرعتها إلى أكثر من 2 ماخ (2200 كم/س) ونطاق قتالي يبلغ 12,000 كم دون الحاجة للتزود بالوقود، مما يمكنها من الوصول إلى أي مسرح عمليات والعودة بسلام. جناحها المتغير الزاوية يمنحها كفاءة عالية عند الطيران بسرعات فوق وتحت الصوت.

تحمل داخليًا حتى 40 طنًا من الأسلحة، نووية أو تقليدية، بما في ذلك صواريخ KH-101 كروز المخزنة داخل جسم الطائرة للحفاظ على خفائها الراداري واستقرارها الهوائي.

ولكن التطور الحقيقي يكمن في تحديثات عام 2025 التي شملت قمرة قيادة رقمية بالكامل، أنظمة تشويش إلكترونية متطورة، ومحركات NK-32-02 توفر قوة دفع أعلى بنسبة 10%. كما حصل الطاقم على حماية مدرعة، والطائرة مجهزة بأنظمة دفاعية لصد الصواريخ القادمة.

بالتالي، الـTU-160M ليست فقط قاذفة قنابل، بل منصة صواريخ فائقة السرعة مهيأة لاختراق الأجواء المعادية، وإطلاق الهجمات من مسافات بعيدة، والانصراف بسرعة قبل أن يتمكن العدو من الرد.

حين أقلعت طائرات الـTU-160 فوق أوكرانيا في يونيو 2025، لم يكن الأمر مجرد ضرورة عسكرية، بل مناورة استراتيجية متعددة الأهداف.

فقد تكبدت قاذفات TU-95 الروسية خسائر فادحة بسبب هجمات الطائرات المسيرة، ومع تعطل ما يقرب من اثنتي عشرة منها، كان لابد من إيجاد بديل للحفاظ على وتيرة الضربات بعيدة المدى.

دخلت الـTU-160 ليس فقط لتملأ الفراغ، بل لترتقي بمستوى العمليات. كل طائرة من هذه الطرازات تحمل حتى 12 صاروخ KH-101 الذي يصل مداه إلى أكثر من 7000 كم، مما يتيح إطلاق الضربات من أعماق الأراضي الروسية دون الاقتراب من مناطق الاشتباك المباشر.

بالنسبة لأوكرانيا، هذا سيناريو مرعب؛ أنظمة الدفاع الجوي المرهقة من الهجمات المستمرة تواجه الآن تهديدًا جديدًا من ارتفاعات ومسافات بعيدة يصعب عليها التعامل معها.

كل إقلاع للـTU-160 يعني احتمال إطلاق أكثر من عشرة صواريخ دقيقة ومميتة، يصعب على الدفاعات الأرضية اعتراضها.

هذه هي استراتيجية “شاحنات الصواريخ”؛ أقل طائرات، أقصى قوة نارية، بحيث يمكن لطائرة واحدة أن تُحدث دمارًا يعادل عشرات الطائرات أو الطائرات المسيرة.

ورغم المنطق التكتيكي الواضح، يكمن في نشر الـTU-160 بعدًا استراتيجيًا ورمزيًا قويًا، إذ أن هذه القاذفة التي كانت محجوزة أساسًا للردع النووي، بات الآن أداة تصعيد نفسي وسياسي تعلن للعالم، وخصوصًا لـكييف، أن روسيا ليست فقط حاضرة، بل عادت بأقوى أوراقها.

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

السعودية تستهدف نظام الصواريخ الموجهة “بيناكا” الهندي

مصر تُنشِّط نظام الدفاع الجوي الصيني HQ-9B بعيد المدى