نور الدين
موقع الدفاع العربي – 6 يوليو 2025: في أعقاب التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، عادت أنظمة الدفاع الجوي إلى واجهة الاهتمام الدولي، خاصة مع فشل إيران في حماية أجوائها من الضربات الإسرائيلية الدقيقة. وفي هذا السياق، تناولت قناة Haber 7 التركية منظومة الدفاع الجوي التي تعمل تركيا على تطويرها، المعروفة باسم “القبة الفولاذية”، حيث استضافت الخبير الأمني الدكتور إراي غوتشلر لتقديم قراءة فنية واستراتيجية حول قدرات هذه المنظومة ومدى فاعليتها.
وأوضح غوتشلر منذ البداية أن تكرار ما حدث في إيران داخل الأراضي التركية غير ممكن، مؤكدًا أن إسرائيل لا تستطيع اعتماد نفس سيناريو الهجوم بسبب تفوق تركيا في القدرات التقنية، وخاصة في مجال الرصد المبكر والرادارات. وأشار إلى أن إيران واجهت مشكلات كبيرة بسبب اعتمادها على أنظمة مشتتة وضعيفة، بعضها تم استهدافه، مما أحدث ثغرات واسعة في تغطية دفاعها الجوي، هذا بالإضافة إلى اعتمادها على أنظمة أجنبية غير متطورة، مما جعلها عاجزة عن رصد الطائرات الشبح مثل F-35.
في المقابل، تمتلك تركيا منظومة رادارات قادرة على كشف طائرات F-35 من مسافة 500 كيلومتر وتحديد نوعها بدقة من 400 كيلومتر، وهو ما يمنح أنقرة ميزة استراتيجية واضحة. واستشهد غوتشلر بحادثة رصد الطائرات الإسرائيلية التي عبرت الأجواء السورية متجهة نحو العراق، حيث تم تتبعها من لحظة إقلاعها من إسرائيل، وأُطلقت طائرات تركية في مهام تأهب رغم أنها لم تدخل الأجواء التركية، وهو ما اعتُبر مؤشرًا على فعالية الردع التركي.
وأكد أن امتلاك هذه القدرة يعني ببساطة أن تركيا ترى الهدف وتستطيع ضربه، مشيرًا إلى أن أنظمة الدفاع التركية قادرة على الاشتباك مع أهداف جوية من مسافات تصل إلى 400 كيلومتر، بينما لا يتجاوز مدى الصواريخ الإسرائيلية المحمولة جوًا أكثر من 230 كيلومترًا، مما يضع الطائرات المهاجمة في موقف مكشوف قبل أن تقترب من الأجواء التركية.
وأوضح غوتشلر أن المنظومة لا تعتمد فقط على الرصد التقليدي، بل تشمل تقنيات رادارية متقدمة تُتيح تغطية عمق يصل إلى 1000 أو حتى 1500 كيلومتر، بفضل ما وصفه بـ”الرادار النشط متعدد الطبقات”، دون الكشف عن تفاصيل تقنية إضافية لأسباب أمنية.
وأشار أيضًا إلى التطور اللافت في أنظمة الأسلحة، لا سيما الليزرية منها، والتي تطور مداها من 1500 متر إلى 50 كيلومترًا في فترة وجيزة، مما يعكس حجم الاستثمار التركي في تحديث منظومته الدفاعية باستمرار، وعدم الاكتفاء بالإنتاج الأولي.
وأكد أن هذه المظلة الدفاعية لا تقتصر على المجال الجوي فقط، بل تمتد لتشمل المياه الإقليمية والمجال الجوي والبر التركي، مما يشكل شبكة حماية شاملة لا يمكن اختراقها وفقًا للمستوى التكنولوجي الحالي في العالم. وذكر أن هذه المنظومة تعزز ما يُعرف بـ”السيادة الجوية”، والتي فقدتها إيران نتيجة افتقارها لنظام مماثل.
وعند سؤاله عن مدى إدراك الخصوم الإقليميين لقدرات تركيا، شدد غوتشلر على أن هذه الدول باتت على دراية كاملة بما تمتلكه أنقرة من قدرات، وهو ما يفسر حذر الطائرات الإسرائيلية وتجنبها دخول المجال الجوي التركي. وأكد أن مجرد امتلاك تركيا لهذه القدرة يخلق ردعًا فعالًا، خاصة وأنها الدولة الوحيدة في المنطقة، بما في ذلك البلقان والشرق الأوسط، التي تمتلك مثل هذه البنية الدفاعية المتقدمة، مما يجعلها – رغم محيطها المضطرب – واحدة من أكثر دول العالم أمانًا واستقرارًا.
