نور الدين
بالنسبة لإسرائيل، تعتبر هذه قناة إيرادات كبيرة، وبالتالي فمن المعقول الافتراض أنه من الآن فصاعدا، ستركز الحكومة الإسرائيلية على تسويق التهديد الإيراني لباكو.
بحسب ما نشرته صحيفة واشنطن بوست، وقع زعيم جمهورية ناغورنو كاراباخ المتمتعة بالحكم الذاتي أمرا يوم الخميس بحل الدولة الانفصالية رسميا اعتبارا من 1 يناير، مؤكدا استسلامها لأذربيجان. ووضع هذا القرار حداً لمحاولة فاشلة من أجل الاستقلال والاعتراف الدولي استمرت 32 عاماً.
وقال سامبال شهرمانيان، رئيس ناغورنو كاراباخ، التي يطلق عليها سكانها الأرمن آرتساخ ولكنها معترف بها دولياً باعتبارها منطقة ذات سيادة لأذربيجان، في المرسوم أنه سيتم حل جميع مؤسسات الدولة.
وأجبرت الحرب الخاطفة التي شنتها أذربيجان الأسبوع الماضي حكومة ناغورنو كاراباخ على الاستسلام والموافقة على حل قواتها المسلحة. كما أدى تقدم القوات الأذربيجانية إلى نزوح جماعي للسكان الأرمن من المنطقة الجبلية، الذين يقولون إنهم يخشون الإبادة الجماعية، وعلى أي حال، فإنهم غير مستعدين للعيش تحت الحكم الأذربيجاني.
وقد عبر أكثر من 66 ألف شخص – أي حوالي نصف سكان المنطقة – الحدود إلى أرمينيا، ويقول بعض المسؤولين إنهم يعتقدون أن جميع السكان سيغادرون. تم القبض على أعضاء بارزين في حكومة ناغورنو كاراباخ أو تم تسليمهم إلى حكومة أذربيجان.
وتشهد منطقة ناجورنو كاراباخ نزاعًا حادًا بين الجمهوريتين السوفييتيتين السابقتين منذ الحرب التي اندلعت في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، عندما سعت غالبية السكان الأرمن في المنطقة إلى الانفصال عن دولة أذربيجان المستقلة حديثًا.
انتهت حرب ناجورنو كاراباخ الأولى بانتصار أرمني حاسم. وارتكب الجانبان مجازر، ولكن في النهاية أُجبرت الغالبية العظمى من الأذربيجانيين – مئات الآلاف – على مغادرة الإقليم.
وفي حرب قصيرة في عام 2020، استعادت أذربيجان معظم منطقة ناغورنو كاراباخ، منهية عقودًا من السيطرة الأرمنية على المنطقة.
بالنسبة لإسرائيل، هذا الصراع كان لسنوات مصدرًا ممتازًا لتمويل الصناعات الدفاعية. سمحت الاتفاقيات الأمنية بين تل أبيب وباكو لهذه الصناعة ببيع كل شيء تقريبًا إلى باكو. بدءاً بصواريخ لورا التي يبلغ مداها مئات الكيلومترات، والطائرات بدون طيار الهجومية، وغير ذلك الكثير.
وفي ظل انتهاء الصراع الذي طال أمده، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت باكو ستستمر في شراء الأسلحة من إسرائيل بالكميات التي وصلت إليها حتى الآن؟ يمكن القول إن الانتصار في ناجورنو كاراباخ لا يقلل من التهديد الأمني الذي تواجهه باكو من إيران.
من ناحية أخرى، تشهد العلاقات الدبلوماسية بين إيران وأذربيجان توترًا متزايدًا، ومن الصعب توقع كيف سيتصاعد التوتر الأمني بين البلدين في المستقبل المنظور. وباستثناء إيران، ليس لدى باكو الكثير من الأعداء الذين يبررون شراءها للأسلحة بمليارات الدولارات سنويا.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف سيؤثر انتصار أذربيجان على مستقبل مشترياتها من الأسلحة الإسرائيلية؟ هناك عدة عوامل يجب أخذها في الاعتبار. أولًا، فإن أذربيجان قد تشعر بالحاجة إلى تعزيز قدراتها العسكرية في ظل التوتر المستمر مع أرمينيا والتدخل التركي والروسي في المنطقة. ثانيًا، فإن إسرائيل قد تستغل فرصة نجاح أسلحتها في ناغورنو كاراباخ لزيادة حصتها في سوق الأسلحة العالمية، وخصوصًا في دول مثل الهند والفيلبين وفيتنام. ثالثًا، فإن إسرائيل قد تواجه ضغوطًا سياسية وأخلاقية من داخلها وخارجها لوقف أو تقييد تصدير الأسلحة لأذربيجان، خاصة إذا كانت هذه الأسلحة تستخدم في انتهاك حقوق الإنسان أو القانون الدولي.
بالتالي، فإن مستقبل مبيعات الأسلحة الإسرائيلية لأذربيجان يعتمد على مزيج من العوامل العسكرية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية. ومن المؤكد أن إسرائيل ترغب في الحفاظ على علاقتها الإستراتيجية مع أذربيجان، ولكنها قد تضطر إلى التوفيق بين مصالحها التجارية ومبادئها الديمقراطية. ومن ناحية أخرى، فإن أذربيجان قد تواصل شراء الأسلحة من إسرائيل، ولكنها قد تبحث أيضًا عن موردين آخرين يمكنهم تلبية احتياجاتها العسكرية والسياسية.
المصدر: وسائل إعلام إسرائيلية
