in

لماذا أعلنت مصر وألمانيا عن التعاقد على النسخة القصيرة المدى Iris-T SLS mk III ذات المدى البالغ 12 كلم بالرغم من التعاقد على النسخ الأقوى والأكبر مدى؟

لماذا أعلنت مصر وألمانيا عن التعاقد على النسخة القصيرة المدى Iris-T SLS mk III ذات المدى البالغ 12 كلم بالرغم من التعاقد على النسخ الأقوى والأكبر مدى؟

بالطبع هذا الاستفسار يفتح لنا مجال لتوضيح نقطة في غاية الأهمية وهي أن كفاءة أنظمة الدفاع الجوي الحديثة لا تقاس بالمدى الأقصى لها كما يتخيل الكثيرين ويقارنوا قوة كل منظومة معتمدين فقط على هذا العامل الذي لا يمثل تلك الأهمية القصوى في مسارح القتال الحقيقية. فما الفائدة من إمتلاك صاروخ هو الأقصى مدى في العالم كله لكنه في نفس الوقت لا يتمتع بالمرونة و المناورة وسرعة رد الفعل الكافية أو أنظمة التوجيه والقيادة والسيطرة والأغلاق على الهدف القوية التي تمكنه من أسقاط الهدف بل والأهم من ذلك أن الصواريخ الضخمة البعيدة المدى أضعف في المناورة وببصمتها الحرارية والرادرية الكبيرة تصبح أسهل في الرصد وهو ما يهدد نسبة نجاحها في إسقاط الأهداف وبقائيتها من الأساس.

إذن ماذا عن النسخة Iris-T SLS mk III وماهو المميز فيه؟

هذه النسخة وعلى عكس مايتوقع البعض هي أحدث أفراد عائلة منظومات الدفاع الجوي الألمانية (Iris-T SL) بل انها لم تدخل الخدمة في الجيش الألماني حتى الآن وظهرت فقط منذ عام بعد دخولها الخدمة بالجيش السويدي الذي طلب في الأساس تطويرها و أشترك مع الشركة الألمانية المصنعة “Diehl” في إنتاجها طبقا للمواصفات والأحتياجات الخاصه به. وتخدم هذه المنظومة في الجيش السويدي وهي محملة على مجنزرات السويدية الصنع طراز BVS 10 القادرة على العمل في البيئات الثلجية وهي التي تظهر في الصورة الثانية المرفقة بالتقرير والمنظومة تمتلك بنية هندسية مرنة تتيح تحميلها على أي طراز من العربات الناقلة وهناك نسخة آخرى معروضة محملة على العربة المدرعة المدولبة على عجلات طراز Eagle V من أنتاج فرع شركة “General Dynamics” في أوروبا.

وتعد هذه النسخة من فئة أنظمة الدفاع الجوي القصيرة المدى “SHORAD” التي توفر الحماية ضد الأهداف التي تطير إرتفاعات منخفضة وشديدة الإنخفاض وهي تستخدم في مقاومة كافة أشكال التهديدات الجوية من المروحيات ومقاتلات الإسناد الأرضي والأسلحة الذكية وتتميز أن جميع مكونات المنظومة مدمجة في عربة مدرعة واحدة تشمل الرادار الثلاثي الأبعاد الرصد والإشتباك ونظام التعرف على العدو / الصديق ونظام القيادة والسيطرة “C2” مع قاذف الصواريخ وكل ذلك بقدرة عالية على ذاتية الحركة مما يتيح للمنظومة الرصد والتتبع والاشتباك بحركية عالية تضمن لها مرافقة التشكيلات العسكرية السريعة الحركة التي تعمل في مهام هجومية خارج نطاق حماية الدفاع الجوي على مستوى الفرقة والجيش الميداني.

تزويد الأرتال المدرعة بمثل هذه النوعية من الدفاعات الجوية هو أحد الدروس المستفادة من حرب أكتوبر المجيدة ومعارك الدبابات الطاحنة التي حدثت عند مضايق شبه جزيرة سيناء. لذلك يعد التعاقد على نسخة Iris-T SLS mk III ضرورة تكتيكية مهمة وإضافة أحدث ماهو موجود في العالم من تكنولوجيا إلى الطرازات الموجودة بالفعل في التشكيلات الميدانية.

وتتميز المنظومة الألمانية بمكونات أنظمة متطورة تضم منظومة القيادة والسيطرة طراز IBMS من إنتاج عملاقة الصناعة الأوروبية “AIRBUS” تعمل مع القواذف الرباعية العمودية من النسخة الخفيفة لصواريخ Iris-T بكل ما تحمله من تكنولوجيا حيث يستطيع الصاروخ توجيه نفسه ذاتيًا والإغلاق أتوماتيكيًا على الهدف من تلقاء نفسه وهو مايتيح للمنظومة قدرات الاشتباك المحيطية بزوايا 360 درجة وبسرعة رد فعل وخلال الحركة بزمن اشتباك أقل من 7 ثوان مع القدرة على الاعتراض بنمط الأغلاق بعد الإطلاق “Lock on After Launch” أو نمط الأغلاق قبل الإطلاق “Lock on Before Launch” وبقدرات مناورة خرافية تصل إلى 60 g. وتتميز منظومة القيادة والسيطرة بالمرونة من حيث القدرة على ربطها مع مراكز القيادة والسيطرة الأخرى على مستوء اللواء أو الكتيبة أو مراكز القيادة الأكبر على مستوى الفرقة أو الجيش الميداني مما يسهل العمل ضمن نطاق نظام دفاع جوي متكامل متعدد الطبقات مع سرعة رصد واكتشاف الأهداف وتبادل البيانات بين الوحدات المختلفة وهو ما سيساعد كثيرًا في سرعة رد الفعل وتقليل زمن الاشتباك إلى أقل عدد من الثواني بالإضافة إلى القدرة على عمل الكمائن الجوية اعتمادا على الباحث السلبي الصاروخ والاعتماد على بيانات الاحداثيات المطلوبة من المنظومات الصديقة لتحقيق ما يمكن أن نطلق عليه عمليات (الأغتيال أو القتل الصامت).

أما أهم ما يميز هذه النسخة بالفعل هو الرادارات الثورية العاملة عليها وهناك اختيارين من الرادارات الخفيفة الوزن التي يتراوح وزنها بين 150 – 300 كجم كلاهما أفضل من الأخر. هناك رادار Spexer Light من إنتاج الشركة الألمانية الغنية عن التعريف “Hensoldt” وهو أفضل رادار خفيف في العالم حاليا من حيث القدرة على كشف الأهداف الصغيرة الحجم التي تطير بسرعات بطيئة و بطيئة جدًا على ارتفاعات شديدة الانخفاض والتي تعد نقطة الضعف للعديد من الرادارات الأخرى وهو ما يجعله مميزا جدا في رصد الطرازات الحديثة من المسيرات المتسكعة المعروفة بإسم “الدرونات الإنتحارية” وهو من نوعية الرادارات الثلاثية الأبعاد المزودة بتكنولوجيا مصفوفة المسح الإلكتروني النشط “إيسا” ويعمل في النطاق الراداري X-Band.

أما الاختيار الثاني المتاح فهو الرادار Girrafe 1X من إنتاج الشركة السويدية الشهيرة “SAAB” وهو الذي يعمل على النسخة التي تخدم في الجيش السويدي حاليًا وهو أيضًا رادار ثلاثي الأبعاد متطور يعمل في النطاق الراداري I-Band ومزود بتكنولوجيا مصفوفة المسح الإلكتروني النشط إيسا بدوائر الجاليوم نيتريد ولاتوجد معلومات كثيرة حوله حتى الآن نظرًا للاحتياطات السرية التي تتبع على المشروع من قبل الشركة السويدية. وكلا الرادارين يتميزان بالقدرة على مقاومة التشويش الإلكتروني الكثيف مع قدرات الرصد والتتبع الأوتوماتيكة وأنمطة الخداع الإلكتروني مع القدرة على تحديد النوعية والتمييز بين الأهداف سواء كانت مقاتلات أو مروحيات أو صواريخ أو حتى الدرونات صغيرة الحجم. وكل هذا المميزات مدمجة في منظومة رادرية خفيفة الوزن والأبعاد مما يؤهلها للعمل على عربة مدرعة واحدة.

هذه المنظومة دخلت الخدمة في الجيش السويدي التي تمتلك بالفعل منظومة مماثلة في غاية القوة وهي المنظومة السويدية BAMSE التي تشغل الصواريخ السويدية الصنع طراز RBS-23 ويخطط أيضا الجيش النرويجي للحصول على هذه المنظومة بالرغم من إمتلاكه المنظومة الحديثة والقوية جدا طراز (NASMAS) والتي تشغل الصاروخ الأمريكي الشهير AMRAAM والرادار الخطير AN-MPQ-64 المشهور باسم SENTINEL.

وبالرغم من أن مصر تشغل العديد من أنظمة الدفاع الجوي قصير المدى (SHORAD) يعد أهمها المنظومة الروسية طراز TOR-M إلا أنه بالرغم من أن المنظومة الروسية تشغل صاروخ أكبر حجمًا ووزنًا وبالتالي أقوى من حيث المدى وسقف الإرتفاع تلك العوامل التي يعتقد الكثيرين أنها فقط ما تحدد تفوق منظومة على أخرى في المقارنات. إلا أن المنظومة الروسية بالرغم من أنها قادرة على الرصد والتتبع أثناء الحركة إلا أن عملية الاشتباك وإطلاق الصاروخ تتطلب وضع الثبات وبالتالي تحتاج منظومة التور حوالي 2-4 ثواني للإنتقال من وضع الحركة إلى وضع الوقوف وقد يرى البعض أن فرق الثواني هذا لا قيمة له لكن في الحروب الحديثة نجاح تلك النوعية من أنظمة تقاس بمدى سرعتها وعدد الثواني وكل ثانية تفرق وهو مايجعل زمن رد فعل منظومة التور يتعدى 10 ثواني في حين أنه في الأنظمة الأسرع ومنها المنظومة الألمانية يكون 5-8 ثواني فقط.

أيضًا رادار منظومة التور لا يحتوي على تكنولوجيا مصفوفة المسح الإلكتروني النشط إيسا وبالرغم من انه أحدث أنظمة الرادار الروسية إلا أنه يعيبه قدرته الأقل في مقاومة التشويش الإلكتروني أو قدرات رصد الأهداف البطيئة السرعة الصغيرة الحجم على الارتفاعات شديدة الإنخفاض وهو العيب الذي تسبب في حوادث إخماد الدفاعات الجوية الروسية التي سمعنا عنها في مسارح حرب أرمينيا وليبيا.

وهناك فرق آخر وهو قدرات المناورة الرهيبة للصاروخ الألماني والتي تتعدى 60 G وهو ما لم يصل إليه حتى الآن أي صاروخ روسي من هذه الفئة سواء منظومات التنجوسكا أو التور أو البانتسير.

وبدخول نسخة الدفاع الجوي القصير المدى طراز Iris-T SLS mk III الخدمة في تشكيلات الدفاع الجوي الذاتية الحركة المصرية وفي حالة ربطة مع النسخة المجرورة من مدفع الدفاع الجوي الألماني الحديث طراز Oerlikon Revolver mk iii سيشكل جحيمًا لكل التهديدات الجوية النمطية والغير نمطية مشكلة مركز متحرك للدفاع عن النقطة وجدارا فولاذيًا لا يمكن اختراقه متعدد الطبقات. وكما هو معروف ان الجيش المصري يتفاوض على هذا المدفع الألماني الحديث الموجود في الصورة الرابعة المرفقة مع هذا التقرير مع احتمالية الحصول على رخصة إنتاجه محليًا.

الدفاع المصرية.

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الإمارات تريد الاستحواذ على شركة أسيلسان التركية

ما صحة ادعاءات بيع “أسيلسان” التركية للصناعات الدفاعية لقطر؟

شاهد.. طائرة "أوريون" المسيرة الروسية تسقط طائرة مروحية

شاهد.. طائرة “أوريون” المسيرة الروسية تسقط طائرة مروحية