إن الأزمة الفرنسية الأمريكية هي الأولى في تاريخ البلدين حيث تم استدعاء السفير الفرنسي بواشنطن ، وتصريح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بأن قرار أستراليا يُعتبر ضربة خنجر في ضهر باريس ، رغم تصريح الوزير الأول لأستراليا بكون فرنسا كانت على علم بذلك منذ شهر يونيو السابق.
فبعد أن كان الرئيس السابق الأمريكي دونالد ترامب قد كرَّس العقيدة الأمنية الأمريكية حول “أمريكا أولاً” ، بحيث أكد على مبدأ العلاقات الدولية على أساس مبدأ الأ حادية وإلغاء معاهدة المناخ كوب 21 والاتفاق النووي مع إيران ، جاء الرئيس بايدن بسياسة جديدة تعتمد أساسًا على إعادة ترتيب الأولويات الأمريكية بإنهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان ، عدم إلغاء المعاهدة الإبراهيمية بخصوص الشرق الأوسط وبالخصوص الاهتمام والاستعداد للتصدي للخطر الصيني ، كان اقتصاديًا ، عسكريًا أو إستراتيجيًا ، وعرف بايدن كيف يوظف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، وبناء تحالف اسراتيجي بين كل من أستراليا وبريطانيا ، لمراقبة وتأمين المحيط الهندي والهادي من الخطر المتصاعد للصين.
جاءت صفقة الغواصات الأمريكية الأسترالية لتؤكد هذا التوجه الإستراتيجي الجديد على حساب الاتحاد الأوروبي عمومًا وفرنسا بوجه الخصوص ، لأن الإدارة الأمريكية الجديدة تعتبر أن حلف الناتو في الأطلس قد أصبح متجاوزًا وأن بؤرة النفوذ تحولت إلى جنوب شرق آسيا وخطر الصين.
الاتحاد الأوروبي عسكريًا يتلخص من هيمنة فرنسا والتي تعاني صناعتها العسكرية البحرية والجوية من ضعف في التنافسية ، حيث تم إلغاء ثلاث صفقات مع كل من باكستان في ملف الغواصات ، وروسيا في ملف البوارج ، وأخيرًا أستراليا ، حيث وصلت خسائر فرنسا في هذا السوق ما يقارب خمسة وثمانين مليار دولار في غياب استراتيجية عسكرية أوروبية موحدة.