لا تزال طموحات امتلاك السلاح النووي في عقول العديد من القادة والأنظمة السياسية حول العالم ، تراوح مكانها حتى اللحظة ، بالرغم من أن الدول الكبرى ، قد وقعت الإتفاقات تلو الإتفاقات ، فيما يتعلق بحظر انتشار الأسلحة النووية ، والتي كان آخرها اتفاقية عام 2021 الجاري.
جاء ذلك بعد أن شهد العالم أكبر كارثة إنسانية في تاريخة ، تمثلت في قيام الولايات المتحده الأميركية وبتاريخ السادس من آب أغسطس 1945م ، بإلقاء أول قنبلتين نوويتين ، على مدينتي ناجازاكي وهيروشيما اليابانيتين ، واللتان أعلنتا آنذاك كمنطقتين منكوبتين ؛ على ظهر هذه البسيطة.
حيث أودت قنبلة هيروشيما لوحدها بحياة أكثر من 140 ألف نسمة ، ناهيك عما خلفته هاتين القنبلتين من أضرار إشعاعية وبشرية ، لازالت اليابان تعاني من آثارها حتى اللحظة.
لكن هكذا ظاهرة كاراثية مدمرة وخطيرة للغاية ، على حياة سكان كوكب الأرض الجميل ، لم ولن تثني الأقطاب الكبرى على شاكله واشنطن وموسكو ، من سباق التسلح المثير للجدل هذا من جهة وتسليح الحلفاء المقربين ، كإسرائيل ، وكوريا الشمالية ، وباكستان ، والصين ….. هذا من جهة أخرى.
جدير بالذكر في أن الأقطاب الكبرى تنتهج اليوم سياسة الكيل بمكيالين أو سياسة إزدواج المعايير في هكذا مسألة ، فهي تحلل امتلاك السلاح النووي لدول بعينها بينما تجعله محرماً على دولا أخرى!
وهذا هو ما نشاهده ونلمسه اليوم في منطقة الشرق الأوسط ، تلك المنطقة التي كانت ولا زالت تعيش على صفيح ساخن.!
مزيج من الأزمات والحروب العبثية المدمرة ، خلفت بعدها ملايين من القتلى والجرحى ، وملايين أخرى من الجوعى والمشردين ، ناهيك عن غلاء المعيشة ، ونهب رواتب الموظفين ولأكثر من ست سنوات على التوالي!
ففي الوقت الذي حاولت فيه كلا من واشنطن ولندن وموسكو ، غض الطرف عن الترسانة النووية التي تمتلكها إسرائيل ، سلطت الأضواء على نووي إيران ، ومحاولة استهدف نووي إسلام أباد مؤخراً ، عن طريق الجماعات الإسلامية الأفغانية والسعي لإفشال جهود المملكة العربية السعودية في هذا المجال كرد فعل طبيعي على نووي إيران وإسرائيل.
وأننا وإذا ما نظرنا إلى قضية النووي الإيراني المثير للجدل ، ومن منظور سياسي دقيق ، لوجدنا بأن طهران قد وقعت مع الولايات المتحدة ، معاهدة لحضر انتشار الأسلحة النووية في العام 2016 ، لكن الأولى قد استئنفت نشاطها النووي اليوم من جديد ، فيما بدأت بعملية تخصيب اليورانيوم ، وكذا العمل على مضاعفة أجهزة الطرد المركزي في كل من مفاعل نطنز ومفاعل آراك لإنتاج الماء الثقيل وبقية المواقع النووية الأخرى ، وفي الحين الذي تتجاذب فيه كلا من طهران وواشنطن أطراف النقاش في فيينا ، إلا أن إسرائيل لم ولن تسمح ؛ لأي دولة أخرى في المنطقة حتى وإن كانت من أقرب المقربين اليها ، بإمتلاك زر السلاح النووي مهما كلفها الثمن.
وقد شاهدنا وخلال الفترات الماضية ، موجة الاستهدافات المتكررة لإسرائيل ومعه حليفتيه لندن وواشنطن ، للعديد من المفاعلات النووية العربية وعلى رأسها ، مفاعل تموز العراقي في العام 1981 ، وكذا المفاعل النووي السوري في العام 2007 وحسب مزاعم تل أبيب ، وكذلك استهداف المفاعل المصري الذي انتهى بإغتيال الدكتور/ يحيى المشد عن طريق الموساد ، بالإظافة إلى تفكيك المفاعل النووي الليبي الذي بدء نشاطه في مطلع العام 1973 ولم يكتب له النجاح ، بالرغم من استمراره حتى عام 1992 ، لكن المنظمة الدولية للطاقة الذرية قد أبلغت في عام 1995 ، بأن ليبيا تمتلك نظائر مشعة من البلوتينيوم ، وأنها في طريقها لتخصيب اليورانيوم ، ما أدى ذلك إلى تسليم هكذا برنامج نووي على طبق من ذهب ، بذريعة قضية لوكاربي ، وها هي إسرائيل تستعد للعب نفس الدور مع إيران ، وتعد العدة لإخراج مسلسل دراماتيكي جديد خلال الأشهر القليلة القادمة ، لتثبت للعالم بأنها هي صاحبة الدور الريادي في المنطقه والعالم ، وانها ايضا تمتلك جيش ومخابرات اسطورية لا يقهران على الاطلاق ، بينما إيران تدعي أنها لا تمتلك مفاعلاً نووياً للأغراض العسكرية البتة ، وتأكد أنها تمتلك فقط مفاعلاً لإنتاج الطاقة النظيفة للأغراض المدنية.
المصدر: الكاتب والمحلل أحمد محمد