in

سباق التسلح البحري بالغواصات بين الدول العظمى الثلاث

تعتبر الولايات المتحدة القوة البحرية الرائدة في العالم لعقود لكن تجد البحرية الأمريكية الأن نفسها في أعقاب حرب تسليحية بحرية بالغواصة نشطة مع الصين وروسيا حيث تعتبر الأن دول القوى العظمى عالقة في منافسة تسليحية كبيرة.

 

الأمر لا يتعلق بأي دولة (روسيا أو الصين) ستنتصر في هذه الحرب التسليحية تحت البحار مع الولايات المتحدة الأمريكية وإنما حول ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية الاستمرار في التفوق البحري وردع العدوان ودعم حلفائها الآن و في المستقبل و في الوقت الحالي يعتبر الجواب نعم و لكن خلال الثلاث عقود المقبلة من الزمان قد لا يكون هناك تفوق أمريكي.

 

التحدي الأكبر للبحرية الأمريكية على مدى الثلاثين عامًا القادمة هو مدى سرعة واستدامة الجهود الوطنية لجمهورية الصين الشعبية لأمتلاك ونشر غواصات عالمية لأسطول المحيط الهادئ.

 

حيث سيشهد العالم في العقود الثلاث المقبلة أشد سباق التسلح بالغواصات بين أمريكا و الصين و حيث تعتبر الغواصات سلاح مهم جداً للدول العظمى فهو يمنحهم:

 

– قدرة دفاعية عن مياههم الاقليمية والاقتصادية عبر غواصات الديزل والكهرباء.

– قدرة هجومية عبر الغواصات النووية الحاملة لصواريخ كروز.

– قدرة ردع نووي عبر الغواصات النووية الحاملة للصواريخ الباليستية.

 

ستكون لدى الصين الأفضلية من حيث كمية الغواصات حيث ستكون الغواصات الصينية أكثر عدداً من غواصات البحرية الأمريكية و تركز الصين على النمو و تحديث قوتها القتالية تحت سطح البحر لفرض سيطرتها على المحيط الهادئ و بحر الصين و كذلك تحاول الصين أستغلال عوامل الجغرافيا البحرية لصالحها عبر بناء الجزر الصناعية للحد من خطورة الغواصات النووية الهجومية الأمريكية و لتدعيم الغواصات الصينية في مكافحة الأساطيل البحرية الأمريكية.

 

بالمقابل ستكون الأفضلية للولايات المتحدة الأمريكية في مدى تطور غواصاتها و قدرتها الشبحية ومدى الصواريخ بعيدة المدى التي تتفوق فيها على الصين و برنامجها الجديد للغواصات النووية الهجومية والغواصات النووية الحاملة للصواريخ الباليستية.

 

روسيا من جانبها تعمل أيضاً على مواجهة هيمنة الغواصات الأمريكية في حين أن البحرية الروسية تشتهر تاريخياً بتمويلها المنخفض إلاّ أن عائدات النفط المرتفعة في السنوات الأخيرة منحت روسيا الفرصة لبدء تحديث جيشها وقد أدى ذلك إلى زيادة الإنفاق بنسبة 150٪ في عام 2011 على القوات النووية الاستراتيجية الروسية وتخصيص 160 مليار دولار لشراء سفن وغواصات بحرية جديدة حتى عام 2020 ولا تبدو ملاح الخطط الروسية للثلاثين عاماً المقبلة بارزة الملامح كالحال مع البحرية الأمريكية.

 

● الغواصات الأمريكية

 

يعتبر سلاح الغواصات الأمريكي سلاح هجومي بامتياز وتعتبر الغواصات الأمريكية أفضل بكثير من نظيراتها الصينية في عدة نواحي:

 

– استخدام محركات الطاقة النووية التي تمنح الغواصات الأمريكية قدرة فائقة للتخفي و البقاء تحت سطح الماء.

– التكنلوجيا المستخدمة في تصميم و صناعة الغواصات الأمريكية تمكن الغواصات الأمريكية من العمل في أي بئية بحرية بقدرات عالية.

– مدى خبرة الأطقم الأمريكية في عمليات التجسس وضرب الأهداف البرية ومكافحة السفن والغواصات.

– التسليح القوي للغواصات الأمريكية عبر صواريخ كروز توماهوك وصواريخ ترايدنت-2 الباليستية.

– حلفاء الولايات المتحدة واستخدامهم لأنظمة أمريكية لتبادل بيانات ومعلومات عن الأهداف عن العدو مع البحرية الأمريكية مما يمنح البحرية الأمريكية تفوق بخصوص الاستطلاع والاستخبارات.

 

لكن في حالة الحرب تدخل عوامل أخرى قد تقلل من أفضلية الغواصات الأمريكية مثل التفوق الكمي للغواصات الصينية وعامل الجغرافيا الذي تسعى الصين لتحويله لصالحها مما يخفف من بعض مزايا الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها.

 

تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي عدد 72 غواصة من جميع الأنواع وبحلول عام 2050 سيصل عدد الغواصات الأمريكية إلى 96 غواصة حديثة تمشل صناعة غواصات جديدة وترقية بعض الغواصات وإخراج غواصات أخرى من الخدمة.

 

تنقسم الغواصات الأمريكية إلى ثلاث فئات أساسية بناءً على أهداف التصميم وا لمهمة هي :

– النوع الأول :

هي غواصات SSN وتعني غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية وتمتاز بأنها غواصات سريعة الحركة وعالية المناورة الصامتة داخل مياه العدو وتمتلك منها البحرية الامريكية 54 غواصة هجومية ومهمة هذه الغواصات هي القيام:

• بالحرب المضادة للغواصات والسفن

• ضرب الأهداف البرية

• الاستطلاع والتجسس

• إنزال القوات الخاصة البحرية

• عمليات مكافحة الألغام

 

تمتلك البحرية الامريكية عدة فئات من هذه الفئة و هي غواصات:

• فئة لوس أنجلوس (دخلت الخدمة عام 1972 و حالياً يتم إخراجها بالتدريج وتحل محلها غواصات فئة فيرجينيا).

• فئة سي وولف (دخلت الخدمة عام 1989 بعدد 3 غواصات و ألغي المشروع بسبب التكلفة العالية جداً للغواصة الواحدة).

• فئة فيرجينيا (دخلت الخدمة عام 2004 و سوف تستمر حتى العام 2070 ثم تخرج نهائيا)

– النوع الثاني :

هي غواصات SSBN وتعرف بأنها الغواصات النووية الحاملة للصواريخ الباليستية وهي تمثل العمود الفقري للردع الاستراتيجي البحري والمكون الثالث من الثالوث النووي الأمريكي والهدف من هذه الغواصات SSBNs هي العمل كمنصة إطلاق غير قابلة للكشف للصواريخ الباليستية العابرة للقارات الحاملة للرؤوس النووية الأمريكية وتحمل هذه الغواصات صواريخ Trident-2 وتمتلك البحرية الأمريكية حتى الآن:

• غواصة فئة أوهايو (تحمل عدد 24 صاروخ ترايدنت-2 الحامل للرؤوس النووية)

• غواصات فئة كولومبيا ( هي غواصات مستقبلية لتحل مكان غواصات أوهايو بدء تصنيعها عام 2020 وسوف تدخل الخدمة عام) 2030.

– النوع الثالث :

وهو غواصة SSGN وتعرف بأنها الغواصات النووية الحاملة لصواريخ كروز الموجهة وتمتاز هذه الغواصات بقوة نيران هائلة وكبيرة جداً وتحمل الغواصة الواحدة من هذه النوع عدد 154 صاروخ كروز توماهوك Tomahawk للهجوم الأرضي مخزنة في عدد 22 أنبوب صاروخي ويحمل كل أنبوب 7 حاويات صواريخ و يمكن أن تقوم بعمليات إنزال قوات العمليات البحرية الخاصة بعدد 66 جندي لكل غواصة وتشغل البحرية الأمريكية 4 غواصات من هذا النوع وهي من فئة أوهايو OHIO.

 

● الغواصات الصينية

 

لم تكن قوة الغواصات الصينية مفيدة بشكل رهيب و كانت في أحسن الأحوال مجرد قوة دفاع ساحلي حتى أتخذت الصين في ال20 عاماً الماضية خطط صارمة لتعزيز سلاح غواصاتها حتى يصبح مكافئ أو متفوق على غريمه الأمريكي .

 

تمتلك البحرية الصينية لجيش التحرير الشعبي (PLAN) أسطولاً كبيراً من الغواصات وينقسم إلى:

– الغواصات التي تعمل بالديزل و الكهرباء و تمتلك الصين منها أسطولاً كبيراً و قوياً و هي تعتبر العمود الفقري لسلاح الغواصات الصيني.

– الغواصات العاملة بالطاقة النووية و تمتلك الصين عدداً مقدراً منها و تسعى الصين حالياً على تطوير قدرات الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية و زيادة أعدادها.

 

وتشغل الصين الأنواع التالية من الغواصات:

– الغواصات النووية الحاملة للصواريخ الباليستية SSBN .

– الغواصات الهجومية التي تعمل بالطاقة النووية SSNs .

– الغواصات الهجومية بالديزل و الكهرباء SSK .

 

تتخلص أسباب ضعف الغواصات الصينية أمام نظيراتها الأمريكية في التالي :

– ضعف تكنلوجيا التصنيع مما يجعل الغواصات الصينية صاخبة يسهل رصدها من قبل الغواصات و السفن الأمريكية.

– قلة عدد الطاقم و ضعف الأتمتة مما يجعل الغواصات الصينية لا تقوم بمهام بعيدة مدى .

– قلة أسطول الغواصات النووية الهجومية SSN و النووية الحاملة للصواريخ الباليستية SSBN .

– ضعف التسليح للغواصات الصينية الحالية و ستقل هذه الفجوة التسليحية مستقبلاً .

الغواصات النووية الباليستية SSBN :

 

تمتلك الصين عدة فئات للغواصات النووية الحاملة للصواريخ الباليستية وهي:

– فئة Type-092
– فئة Type-094 و تعرف بإسم Jin class و هي تمثل أول رادع نووي بحري موثوق به للصين .
– فئة Type-096

تعتبر فئة Type-092 هي أول غواصة صينية نووية تحمل الصواريخ الباليستية و تم صنعها في العام 1981 و صنعت منها غواصة واحدة لأنها لم تكن ترقى لتشكيل تهديد للولايات المتحدة الأمريكية .

تعتبر فئة Type-094 ثاني غواصة نووية و تمتلك الصين منها حتى الآن 6 غواصات و سيصل العدد النهائي إلى 8 غواصات و هي تحمل 12 صاروخًا من طراز JL-2 SLBM و هو يحمل بين 1 إلى 8 رأس نووي بمدى 7200 كم.

تعتبر الجيل القادم من الغواصات الصينية النووية الحاملة للصواريخ الباليستية و ستكون أكبر حجماً من Type-094 و أفضل تسليحاً حيث ستحمل صواريخ JL-3 SLBM التي يبلغ مداها 12000 كم.

الغواصات النووية الهجومية SSN :

 

تمتلك الصين عدة فئات غواصات هجومية نووية SSN و هي:

– فئة Type-091 و تعرف بإسم Han class

– فئة Type-093 و تعرف بإسم Shang class

– فئة Type-095

 

الغواصة Type-091 هي أول غواصة نووية هجومية للبحرية الصينية صنعت عام 1971 و دخلت منها 5 غواصات للخدمة و تتسلح فقط بطوربيدات عيار 533 ملم و بدء أخراجها من الخدمة .

 

الغواصة Type-093 و هي ثاني غواصة نووية هجومية للبحرية الصينية و تعتبرها الصسن نظيرة للغواصة الامريكية فئة USS Los Angeles SSN و لكنها أضعف و أقل قدرة منها و تم تطويرها للطراز:

– طراز Type-093A وهو يعيبه الضجيج العالي جداً مما يحد من امكانيته.

– طراز Type-093B و هو أكثر هدوءََ من سابقه و تم تعديل البدن ليحمل 16 خلية رأسية تحمل صواريخ Y-18 المضادة للسفن و صواريخ كروز DF-10 بعيدة المدى و تتسلح أيضاً بطوربيدات و ألغام بحرية.

 

الغواصة Type-095 و هي أحدث فئة للغواصات الصينية الهجومية و تعتبرها الصين نظيره للغواصات الأمريكية USS Verginia SSN و هي ستكون أكثر قدرة للتخفي و أكثر قدرة تكنلوجية من غواصة Type-093B .

غواصات الديزل و الكهرباء SSK :

 

تعتبر في الوقت الحالي هي العمود الفقري لقوة الغواصات الصينية و هي تعمل بمحركات الديزل و الكهرباء و هي أصغر بكثير و أقل مدى من الغواصات النووية الهجومية SSN التي تديرها البحرية الأمريكية .

 

الغواصات الصينية SSK القديمة لا تحتوي على نظام الدفع المستقل عن الهواء AIP لكن الغواصات الصينية SSK الحديثة تمتلك نظام دفع مستقل عن الهواء (AIP) ولنظام AIP ميزة كبيرة في حرب الغواصات فهو يمنح قدرة تخفي كبيرة للغاية و يسمح للغواصة بالبقاء مغمورة لفترة أطول مما يجعل من الصعب اكتشافها .

 

تشغل الصين الفئات التالية من غواصات الديزل والكهرباء SSK:

– غواصة فئة Kilo

– غواصة فئة Ming

– غواصة فئة Song

– غواصة فئة Yuan وهي أحدث غواصات الديزل و الكهرباء الصينية و هي تعمل بنظام الدفع المستقل عن الهواء AIP و تمشل أسلحتها صواريخ مضادة للسفن و طوربيدات.

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الغواصة الإسرائيلية "رهف" أو "رهب" بالعبرية القديمة

الغواصة الإسرائيلية “رهف” أو “رهب” بالعبرية القديمة،، والرد المصري عليها

صورة توضح مدى المسح الجوي للرادار AN/TPS-59(V)3 الأمريكي العامل في الانذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية لدى الجيش المصري

صورة توضح مدى المسح الجوي للرادار AN/TPS-59(V)3 الأمريكي العامل في الانذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية لدى الجيش المصري