في مثل هذا اليوم 14 أكتوبر سنة 1973، وتحديدا أيضا ساعتين وربع بالظبط، بدأت أطول معركة جوية في تاريخ الحروب الحديثة، والتي عرفت باسم “معركة المنصورة الجوية” التي اشتركت فيها أكثر من 180 مقاتلة منقسمة إلى 120 مقاتلة إسرائيلية من طراز “فانتوم F-4 Phantom” و 64 مقاتلة مصرية من طراز “ميغ-21 إم إف MiG-21MF” واستمرت لمدة 53 دقيقة.
كانت إسرائيل مستميتة في محاولات ضرب قاعدة المنصورة الجوية (قاعدة شاوه) أيام 7 و 9 و 12 أكتوبر، لكنها فشلت بسبب بطاريات صواريخ لواء الدفاع الجوي المسؤول عن قطاع المنصورة والمتمثلة في صواريخ سام 2 وعناصر الضبع الأسود (صواريخ سام 7 المحمولة على الكتف).
في الفترة “7 – 9 أكتوبر 1973″ تمكن لواء الصواريخ من إسقاط 18 مقاتلة اسرائيلية و إصابة 4 أخرى و أسر 5 طيارين.
في الفترة ” 10 – 13 أكتوبر 1973 ” تمكن لواء الصواريخ من إسقاط 4 مقاتلات إسرائيلية وأسر 6 طيارين.
القاعدة كان فيها اللواء الجوي 104 مقاتلات المكوّن من 3 أسراب تحمل الأرقام “42 – 44 – 46” وتتسلح جميعها بمقاتلات MiG 21MF المختصة بأعمال الاعتراض والدفاع الجوي (يتسلح اللواء بمقاتلات MiG-29M/M2 حالياً). وتمركز سربين في قاعدة شاوة في المنصورة، والسرب الثالث في قاعدة طنطا الجوية لحماية القاعدتين.
مقاتلات اللواء 104 كانت تقدم الحماية لمنطقة شمال الدلتا بخلاف أنها كانت ظهير للجيش الثاني الميداني.
في يوم 14 أكتوبر قررت إسرائيل أنها تنفذ هجوم جوي ضخم وكثيف لتتخلص من خلاله من اللواء الجوي 104 الذي كان يمثل التهديد الرئيسي على قواتها الجوية، بخلاف إنها كانت تستهدف أيضاً تدمير قواعد طنطا وإنشاص والصالحية. ولكن وبعد 53 دقيقة من القتال والاشتباكات، فشل الهجوم وانسحبت المقاتلات الإسرائيلية هاربة في اتجاه البحر المتوسط.
وكان الطيارين المصريين ينزلون بمقاتلاتهم للتزود بالوقود والذخيرة ويعاودوا الإقلاع في فترة لا تتجاوز 6 دقائق فقط (رقم قياسي ومُعجز لأن الوقت الطبيعي للهبوط واعادة التزود بالوقود والذخيرة ثم الاقلاع مرة تانية بيستغرق 10 دقائق والإسرائيليين استعانوا بأفضل الخبراء العالميين لكي يوصلوا لـ 8 دقائق. الموضوع كان يعتمد على سرعة وكفاءة الفنيين في الأرض في تسليح المقاتلة وتزويدها بالوقود) وكان الإقلاع لواحده يتطلب 3 دقائق ولكن نجح الطيارين المصريين في إنجاز عملية الإقلاع بما لا يزيد عن دقيقة ونصف أثناء المعركة الجوية، لدرجة أن الإسرائيليين اعتقدوا بوجود أعداد ضخمة من الطائرات المصرية تصل إلى 150 طائرة بعكس ما أبلغتهم به قياداتهم من وجود 40 طائرة فقط في مطار المنصورة، ويكون هذا الأمر خير دليل على براعة الطيران المصري.
وحصل اللواء الجوي 104 على دعم وإسناد من مقاتلات اللواء الجوي 203 بقاعدة أبو حماد الجوية (يتسلح اللواء حالياً بمقاتلات رافال). وحصل أيضاً على دعم من اللواء الجوي 102 مقاتلات من قاعدة إنشاص الجوية.
بلغت الخسائر الإسرائيلية في المعركة 17 مقاتلة بالإضافة إلى إجبار مقاتلة ثامنة عشر من طراز فانتوم على الهبوط وتم أسر قائدها بواسطة أهالي المنصورة، وتم تسليمه للشرطة العسكرية، وفي المقابل خسرت مصر 6 مقاتلات منها 3 أسقطها الطيران الإسرائيلي و 2 نفذ منهم الوقود قبل العودة للقاعدة و 1 كانت تحلق بالقرب من مقاتلة إسرائيلية انفجرت فتسببت شظايا الإنفجار في إصابتها، واستشهد 2 طيارين، والباقين نجوا عن طريق القفز بالمظلة.
وتمكن في نفس هذا اليوم أيضاً الدفاع الجوي المصري من إسقاط 29 طائرة إسرائيلية (متضمنة مروحيتين) على الجبهة، يعني مجموع خسائر إسرائيل وصل إلى 47 طائرة وهو رقم قياسي بالنسبة لباقي أيام الحرب.