in

البرنامج الصاروخي المصري “الصواريخ الباليستية”

في هذا الموضوع سنضع تلخيصا سريعا لأهم ملامح برنامج الصواريخ الباليستية المصري.

 

وبعكس مايتصور الكثيرون بأن البرنامج الصاروخي المصري قد انتهى بنهاية الثمانينيات بعد عملية ” الكربون الأسود ” الشهيرة التي تسببت في إقالة المشير أبو غزالة بعد مطالية الولايات المتحدة للرئيس المصري الاسبق حسني مبارك بتسليمه للمحاكمة وقُوبل الطلب بالرفض وتم اقالة وزير الدفاع الاسبق وتعيينه مستشارا للرئيس وتسوية الازمة سياسيا، ولكن استمر البرنامج بل وتطورت الامور إلى تعاون مكثّف مع كوريا الشمالية والصين، وهذا ماسنُسلط الضوء عليه بشكل مُبسّط.

 

البرنامج الصاروخي المصري:

 

1 – كانت البداية منذ الخمسينيات والستينيات حيث طوّرت مصر برنامجا صاروخيا بتعاون من العلماء الألمان إلا انهم سرعان مانسحبوا بسبب الاغتيالات من قبل جهاز الموساد الاسرائيلي بالرسائل المفخخة وتهديد اسرهم، واتجهت مصر لتطوير برنامجها الذي اشتمل على 3 صواريخ وهي القاهر والظافر والرائد والتي توقف العمل عليها، تماما كما حدث مع المقاتلة ” القاهرة 300 ” بسبب نكسة 1967 والتي كان من اهم اهدافها لدى اسرائيل، القضاء على برنامجي تصنيع الصواريخ والمقاتلات المصريين.

 

2 – بنهاية عام 1970 تعاقدت مصر على 1000 صاروخ طراز Frog-7 ( مداه 70 كم ) وScud-B ( مداه 280 كم ) وLuna-M ( فروج مُعدّل ) من الاتحاد السوفييتي في صفقات شملت معدات جوية وذخائر يقيمة 250 مليون دولار و420 مليون دولار.

 

3 – في مارس 1972 اشترت ليبيا اسلحة سوفييتية متضمنة صواريخ أرض-أرض لصالح مصر ، وكذلك وافق الاتحاد السوفييتي على توفير اجهزة التوجيه لصالح الصواريخ الباليستية المصرية (صواريخ الظافر التي كان قد تم انتاج كمية منها قبل ايقاف البرنامج وتم تسميتها بالتين والزيتون).

 

4 – في الفترة (سبتمبر 1972 – سبتمبر 1973) حصلت مصر على صواريخ Frog-7 السوفييتية ، وفي أبريل 1973 وصلت لمصر شحنة صواريخ Scud-B الباليستية ومعها خبراء سوفييت لتكوين اللواء 65 مدفعية صاروخية ” صواريخ استراتيجية”.

 

5 – في الثمانينيات تعاونت مصر مع الارجنتين والعراق -وبتمويل سعودي- في برنامج صاروخي تحت اسم كوندور1 وكوندور2 او بدر-2000 ووصل مدى الصاروخ الى 900 – 1200 كم.

 

6 – تحت اشراف المشير ابو غزالة رحمه الله، قام العالم الأمريكي مصري الأصل عبد القادر حلمي بتهريب تكنولوجيا امريكية تخص الصواريخ الباليستية الى مصر بالاضافة لشحنة الكربون لاستخدامها في طلاء رؤوس الصواريخ لمقاومة الحرارة الهائلة المتولّدة لحظة اعادة الصاروخ دخوله للغلاف الجوي للأرض في مرحلته الاخير قبل اصابة الهدف وكانت فضيحة مدوية في امريكا.

 

7 – عمل الدكتور عبد القادر على تصدير مواد صواريخ أمريكية محظورة إلى مصر، حتي يونيو 1988 إلا أن حلمي حُكم عليه في يونيو 1989 بالسجن لمدة 46 شهراً وبغرامة قدرها 350 الف دولار،

 

8 – أيضا رصدت المخابرات الامريكية مالايقل عن 7 شحنات من كوريا الشمالية لمصر لمكونات ومعدات دعم خاصة بصواريخ Scud-C لتحصل مصر على قدرة انتاح هذه الصواريخ بمدايات تصل الى 600 كم.

 

9 – كذلك مصر قامت بالحصول على اجزاء حساسه ومتقدمه لدعم برنامج صواريخ النودونج Nodong متوسط المدى ( مداه 1500 كم ) والتايبو دونج Taepodong متوسط-فوق متوسط المدى ( مداه 2500 كم – 4000 كم بحسب النسخة وهناك اصدارات وصل مداها الى 6000+ كم ) لكوريا الشماليه فقامت بتهريب مكونات للصاروخ من معدات توجيه واجهزه الكترونيه دقيقه من المانيا وكانت عن طريق عملية ناجحة للمخابرات المصرية لتهريب المكونات من المانيا وامريكا ودول غربيه اخري وكانت بمثابه صفعة مؤلمه للمخابرات الامريكية CIA حيث تعقب عملاؤها الشحنة من اليابان الى سنغافوره وابلغوا قادتهم انه سيتم استرجاعها ومصادرتها ولكن يعلق احد رجال المخابارت الامريكيه بانها اختفت فجأه ونجحت العملية.

 

10 – الإدارة الامريكية كان بإمكانها التدخل والضغط على مصر ولكن كان -من وجهة نظرها- انه من الافضل والاسهل فرض العقوبات والضغط على كوريا الشمالية او ايران او العراق بدلا من معاقبة دولة ” صديقة او حليفة ” – على حد تعبير احد المسؤولين الامريكيين- كمصر

 

التقارير العالمية التي تحدثت عن برنامج الصواريخ البالستية المصرية:

 

1 – تقريران من جريدتي النيويورك تايمز وشيكاغو تريبيون يتحدثان عن تورط ضابطين مصريين عام 1988 في تهريب مواد كيماوية غاية في التعقيد والأهمية من أمريكا بجانب مواد أخرى (الكربون-كربون) وهما المقدم عبداللا محمد والذي تم القبض عليه في بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية ولكن تم الافراج عنه لتمتعه بالحصانة الدبلوماسية وأيضا العميد حسام يوسف في النمسا ولكن لم يتم القبض عليه.

 

2 – تقرير من جريدة النيويورك تايمز يتحدث عن تورط المشير ابو غزالة في مخطط تهريب أجزاء من الصواريخ.

 

3 – تقرير من جريدة الوورلد تريبيون عام 2001 يتحدث عن مكوّنات توجيه الصواريخ الألمانية والتي تم تهريبها لمصر عبر اليابان وكوريا الشمالية.

 

تم تتبع شحنة الصواريخ من اجهزة الاستخبارات الاوروبية والامريكية والتي وصلت من ألمانيا الى اليابان حيث اختفت ! ، واشارت المصادر الى ان المكوّنات تم ارسالها الى كوريا الشمالية لتعديلها وهي الان في مصر .

 

يُقال أن مصر ستسعى خلف برامج الصواريخ الباليستية متوسطة المدى (مداها 1000 – 3500 كم) وفوق متوسطة المدى (مداها 3500 – 5500 كم) وبعض من هذه البرامج بدأ منذ اواخر الثمانينيات وتضمنت مشروع صواريخ بروجيكت-تي (مداه 450 كم) والبدر (مداه 900 كم) وفيكتور (مداه 1200 كم).

 

4 – تقرير كامل عن النشاط الصاروخي المصري منذ الخمسينات وحتى عام 2008 من موقع وكالة ” مبادرة الخطر النووي NTI Nuclear Threat Initiative ” وهي وكالة دولية شهيرة تقوم مهمتها على مكافحة الانتشار الدولي لاسلحة الدمار الشامل . التقرير يحوي على الكثير من التفاصيل متضمنة لقضية الدكتور عبد القادر حلمي ومسار عملية شحنة الكاربون والتكنولوجيا المهربة.

 

5 – تقرير من جريدة الواشنطن تايمز عام 2002 يؤكد ان مصر اشترت 50 صاروخ نودونج من كوريا ولكن الحكومة المصرية دائما ماتنكر اي صفقات عسكرية مع كوريا الشمالية ، واكدت مصادر من المخابرات الامريكية على الصفقة وتقول انها تضمنت نقل التكنولوجيا لتصنيع الصاروخ محلياً.

 

6 – تقرير صادر عام 2003 يتحدث استخدام مصر لبرنامج خداع وإخفاء أكثر تطورا من نظيره لدى كوريا الشمالية وقامت بإخفاء برامج الصواريخ واسلحة الدمار الشامل لديها في الصحراء الغربية الضخمة الواقعة بينها وبين ليبيا.

 

التقرير يقول ان كلا من مصر وليبيا قامتا ببناء سلسلة انفاق على طول الحدود بينهما لتخفيا فيهما برامج التطوير والانتاج للصواريخ الباليستية من كوريا الشمالية ومكونات للأسلحة النووية وذلك بعيدا عن اعين اقمار التجسس الامريكية والاسرائيلية.

 

التقارير تشير الى ان كوريا الشمالية قامت ببناء شبكة من الانفاق واستعانت بخبرائها المسؤولن الذين قاموا بحفر هذه الانفاق حتى كوريا الجنوبية لحساب برنامج الاخفاء والخداع الخاص بمصر وليبيا.

 

كوريا الشمالية قامت آنذاك بالعمل على مشروع انفاق ضخم عبر ليبيا والاف العمال من كوريا الشمالية قاموا ببناء انفاق محصنة بالخرسانة على عمق 1300 قدم ( 396 متر ) تحت الارض حيث لا يمكن تدميرها حتى باستخدام الاسلحة النووية الامريكية او على الاقل هذا ماتأمله مصر وليبيا.

 

7 – تقرير عن منشأة جبل حمزة المصرية لتجارب الصواريخ الباليستية على بعد 62 كم شمال غرب القاهرة والتي تم توسعتها وتجديدها واعادة تشغيلها منذ الخمسينيات واكد ان الموقع الرئيسي لم يتم توسعته او تطويره فقط ، بل هناك اضافة اضافة لمنشأة جديدة هامة منذ عام 2007 متضمنة منصة اطلاق جديدة للصواريخ ومبنى اخر افقي للمعالجة.
منشأة جبل حمزة معظم مكوناتها تعود الى 40 عاما مضت ولكن مبنى معالجة مكونات الصواريخ والمجمع الجديد المُحصّن تم انشاؤهما منذ منتصف الالفية الجديدة .

 

8 – رابط لتقرير إسرائيلي متضمنا الفيديو الذي يحوي الصور المُلتقطة للمنشأة ، ويعود التقرير في الاصل لمجلة ” جينز Janes ” العسكرية المتخصصة :

 

 

9 – تقرير عن برنامج التسليح المصري السري ويتضمن التحقيقات مع العالم المصري عبد القادر حلمي والتي تضمنت مناقشته فيما يلي:

 

تمويل برنامج صواريخ كوندور-2 من قبل العراق والسعودية والدور المصري والعراقي والارجنتيني في البرنامج .

 

الجهود المصرية في تطوير رأس نووي متضمنة جهود الحصول على مادة الكوبلت-60 ( تستخدم في صناعة القنابل الاشعاعية او القنابل القذرية Dirty Bomb ) وشراء اليورانيوم من فرنسا .

 

معرفة الرئيس الاسبق حسني مبارك ببرنامج الصاروخ كوندور وحقيقة موافقته عليه عام 1984 والتعديلات على صواريخ سكود وصواريخ SS-10 ! (صواريخ سوفييتية مداها 12 الف كم ظهرت في الستينيات ربما كان المقصود سؤال الدكتور عبد القادر عن حصول مصر على مكونات لها او حصول كوريا الشمالية او الصين على تقنيات خاصة بها او معرفته او مشاركته في تطوير سوفييتي لها، لكن المؤكد وبما لا يدع مجالا للشك ان مصر لا تملك نهائيا صواريخ بهذه المدايات ولا حتى نصف هذا المدى).

 

 

أيضا قال الدكتور حلمي خلال الاستجواب -والذي انكره لاحقا- ان مصر امتلكت برنامج تطوير اسلحة نووية نشط وتضمن ارسال اليورانيوم لباكستان للتخصيب وصولا لمستوى انتاج القنابل، وافاد بأن عميدا مصريا يُدعى احمد نشأت كان مسؤولا عن ادارة كلا من برنامج المنشآت النووية المدنية والبرنامج الوليد لانتاج القنابل في القاهرة.

 

10 – تقرير من جريدة الوورلد تريبيون عام 2001 يتحدث عن حصول مصر على 24 صاروخ نو دونج من كوريا الشمالية وشحنة منفصلة تتضمن 50 محركا للصواريخ عبر ليبيا.

 

 

يقول احد المصادر من المخابرات الامريكية ان هذه العملية تُعد صفعة على وجوه كل من عملوا على ايقاف برنامج التعاون الصاروخي المصري الكوري الشمالي ، واضاف ان مصر تعهدت بأنها لم تكن تبحث عن الحصول على صواريخ نو دونج او محركاتها ولكنها حصلت على كليهما.

 

 

11 – تقرير يؤكد قيام كوريا الشنمالية ببيع تقنيات للصواريخ مبنية على اساس صواريخ تايبودونج لكل من مصر وايران وليبيا وباكستان وسوريا.

 

 

12 – تقرير يشير الى وجود دلالات على قيام الصين بتصدير صواريخ DF-15 ( مداها 600 كم ) لكل من مصر وسوريا وايران وباكستان.

 

– تقرير عام 2012 يؤكد على قيام الصين وكوريا الشمالية بالتعاون بشكل سري لتطوير برنامج الصواريخ المصرية وتطويرها وحصول مصر على مكونات خاصة بصواريخ سكود بي وسكود سي الباليستية قصيرة المدى من كوريا الشمالية والجنوبية والنشاط المضاعف في مصنع صقر المصري.

 

 

13 – في يونيو 2016 نشر الموقع العسكري الإفريقي المتخصص ” Defense Web ” تقريرا أصدره ” معهد الدراسات الأمنية Institute of Security Studies ” الإفريقي ( مقره الرئيسي جنوب أفريقيا بخلاف مقرات اثيوبيا وكينيا والسنغال ولديه شراكات مع حكومات الولايات المتحدة واليابان والنرويج والسويد وفنلندا والدانمارك وهولندا واستراليا وكندا )، يتحدث عن ضرورة ان تستخدم إفريقيا ثقلها في منع انتشار الصواريخ الباليستية.

 

وفيما يخص مصر فقد قال التقرير:
“مصر اليوم تُعد الدولة الإفريقية الوحيدة التي لديها برنامجا نشطا للصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة الدمار الشامل. وإنه لمن المستبعد ان تتخلى مصر عن صواريخها الباليستية في المستقبل القريب، وهي دولة غير مُوقّعة على معاهدة حظر انتشار الاسلحة الكيماوية ووقّعت على معاهدة حظر انتشار الاسلحة البيولوجية والسامة ولكن لم تصدق عليها ( التوقيع اعتراف مبدئي غير مُلزم اما التصديق فهو اعتراف كامل ومُلزم ). ”
واضاف التقرير انه ” في اخر تقرير صادر عن لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة بخصوص كوريا الشمالية إنه أكد على مخاوف انتشار الصواريخ الباليستية. حيث القى الضوء على حظر إحدى شحنات قطع غيار صواريخ سكود الباليستية المُنتجة في كوريا الشمالية. وكانت هذه الشحنة في طريقها الى مصر . وقضت اللجنة بأنه لم تستوف مكونات هذه الشحنة ايا من المعايير في قائمة المكونات والمعدات المحظورة . كما وجدت اللجنة أن الاسلحة والخامات المتعلقة بها التي يتم تصديرها بواسطة كوريا الشمالية، هي جميعها محظورة بواسطة قرارات الأمم المتحدة . وهذا مثال واضح وجلي حول واقعية التدفقات والانتشار المُتعلقين بالصواريخ الباليستية. ”

 

14 – الكلمة الشهيرة للرئيس الراحل أنور السادات قال: “إننا لسنا دعاة إبادة كما يزعمون ، إن صواريخنا المصرية عابرة سيناء من طراز ظافر موجودة الان على قواعدها ، مستعدة للإنطلاق بإشارة واحدة الى اعماق الاعماق في اسرائيل . ولقد كان في وسعنا منذ الدقيقة الأولى للمعركة أن نعطي الاشارة ونصدر الامر ، خصوصا وان الخيلاء والكبيرياء الفارغة اوهمتهم بأكثر مما يقدرون على تحمل تبعاته ، لكننا ندرك مسؤوليه استعمال انواع معينه من السلاح ، ونرد انفسنا بأنفسنا عنها ، وإن كان عليهم أن يتذكروا ما قلته يوما ومازلت اقوله ، العين بالعين والسن بالسن والعمق بالعمق”.

 

 

15 – أخيرًا نترك لكم مشاهدة هذا المقطع من لقاء للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مع قناة ” العربية الحدث ” خلال فترة حملة ترشحه للرئاسة عام 2014، بخصوص ايران ومشروعها النووي وتصريحه بخصوص ان مصر لديها أكثر من توازن:

 

https://youtu.be/5VftITCEF9g?t=3103

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

موقع روسي: بوتين تبرع بـ 43 مقاتلة من طراز Su-57 إلى بيلاروسيا

سقوط طائرة باكستانية من طراز “JF-17 Thunder”