in

هل تصبح مقاتلات سو-30 أحد خيارات تركيا بعد خروجها من برنامج إف-35؟

بعد إعلان استبعاد تركيا من برنامج مقاتلة الجيل الخامس الشبحية إف-35 لايتنينغ II من قبل البيت الأبيض و البنتاجون يوم 17 يوليو الجارى ، بسبب بدأ تسلمها مكونات منظومة الدفاع الجوى الروسية بعيدة المدى من طراز إس-400 تريومف ، أعلن مدير شركة روستيخ Rostec المملوكة للحكومة الروسية والمتخصصة في الصناعات الدفاعية والتقنية، استعداد بلاده تزويد أنقرة إن رغبت في ذلك بالطائرات المقاتلة من طراز سو-35 سور فلانكر كحل بديل للمقاتلة إف-35 الأميركية.

 

ما هى الخيارات المتاحة لتركيا، و هل تصلح مقاتلات سو-30 الروسية كحل بديل للإف-35 الأميركية؟

 

• أولاً إف-35 هي مقاتلة شبحية من الجيل الخامس، ومتعددة المهام، تم تصميمها بشكل خاص لتكون بديلاً مستقبلياً على المدى الطويل لمقاتلات إف-16 (التي ستستمر في الخدمة بعد التطوير حتى 2040-2050)، وطائرات F/A-18 هورنيت” (والتي ستستمر في في الخدمة بدورها حتى العقد القادم)، وطائرة الدعم و الإسناد و الهجوم الأرضى A-10 Thunderbolt II (التي ستستمر في الخدمة حتى 2030).

 

وصممت مقاتلات إف-35 بشكل خاص للقيام بالمهام الهجومية من اجل اختراق شبكات الإنذار المبكر و فتح الثغرات وإخماد الدفاعات الجوية العدوة و تحييد الانظمة الحديثة منها وخاصة إس-300 و إس-400، و تقديم الدعم الإلكتروني للمنصات و القوات الصديقة من خلال مستشعراتها الثورية التي تجعل منها منصة استطلاع إلكتروني تعمل في عمق العدو وعلى جبهات القتال الرئيسية، وهي قادرة على نقل كل ماترصده آنياً من إحداثيات وصور وفيديو، مع قدرة توجيه الذخائر الذكية والصواريخ الجوالة المُطلقة من المنصات الصديقة ( سفن – غواصات – مقاتلات – درونز ) بفضل ما تملكه من تقنيات معالجة وصهر البيانات الفائقة ووصلات البيانات الثورية عالية الحصانة، للعمل بمفهوم حروب المستقبل القائمة على الشبكات Network-Centric Warfare، بخلاف القدرة المستقبلية التي ستحصل عليها لتنفيذ مهام الحرب السيبرانية Cyber Warfare لمهاجمة واختراق شبكات المعلومات والقيادة والسيطرة والاتصالات وحقنها بالمعلومات والإحداثيات الخاطئة، إلى جانب قدرات الإعاقة والشوشرة الإلكترونية بأنماطها المختلفة.

 

بالتالي، فإن F-35 تميل أكثر للأدوار الهجومية والاستطلاعية الدقيقة / الخطرة، مع قدرات اشتباك جوي ربما لا تكون الأفضل بسبب امكانات المناورة المحدودة وقدرات الدفع التي لا تسمح لها بالوصول لسرعات فوق صوتية كبيرة، ولكن، وبفضل صواريخ الاشتباك الحرارية قصيرة المدى مع الخوذة الثورية للطيار، والتي تسمح له برؤية كل ماهو محيط بالمقاتلة وتوجيه كافة اسلحتها بمجرد النظر في مختلف الاتجاهات من خلال المستشعرات الكهروبصرية / الحرارية المُوزعة على جميع أنحاء بدنها، فإنها يمكن أن تكون قاتلاً صامتا في الكمائن الجوية، وخاصة إذا ما أضفنا لها قدرات التخفي بفضل بصمتها الرادارية الشبحية البالغة 0.0015 متر² من الأمام.

 

مقاتلات إف-35 توجد منها 3 نسخ كالآتي:

 

1- نسخة الإقلاع والهبوط التقليدي Conventional Take-Off & Landing CTOL وتحمل اسم F-35A وتعمل من القواعد الأرضية. ( النسخة التي كانت ستحصل عليها تركيا )

 

2- نسخة الإقلاع القصير والهبوط العمودي Short Take-Off & Vertical Landing STOVL وتحمل اسم F-35B وتعمل على متن حاملات المروحيات وسفن الهجوم البرمائي المزودة بقدرة تشغيل طائرات الاقلاع القصير والهبوط العمودي. ( كانت تخطط تركيا للحصول على هذه النسخة للعمل على حاملة المروحيات ” الأنضول ” التي تبنيها حاليا والمُشتقة من الحاملة الإسبانية ” خوان كارلوس ” )

 

3- نسخة الإقلاع والهبوط على متن حاملات الطائرات وتحمل اسم F-35C وستعمل على متن حاملات الطائرات النووية الأمريكية.

 

• ثانيًا: تعد سو-35 مقاتلة من الجيل الرابع المتقدم 4 ++ متعددة المهام ، ولكنها مصممة بشكل رئيسي كمقاتلة تفوق جوي (مثل طائرات F-15C الأمريكية) وهي قادرة على فرض السيطرة الجوية فوق سماء المعركة لتحييد كافة الطيران المعادي وتوفير الغطاء الكامل للقوات الأرضية وللمقاتلات الصديقة متعددة المهام أثناء تنفيذها للمهام الهجومية. كما يدخل في صميم مهامها أعمال مرافقة وحماية الأهداف الجوية عالية القيمة (High Value Air Asset HVAA Escort) كطائرات الإنذار المبكر والتحكم المحمول جوا AWACS وطاترات الاستطلاع الإلكتروني / الحرب الإلكترونية وطائرات النقل الاستراتيجي وطائرات التزود بالوقود جوا Tanker، وهي جميعها أهداف رئيسية للطيران الاعتراضي ووسائل الدفاع الجوي للعدو.

 

كما سو-35 تصنف أيضا كمقاتلة ضاربة (مثل F-15E strike Eagle الأمريكية) بفضل مداها العملياتي الكبير، مع القدرة على حمل الأسلحة الثقيلة والبعيدة المدى كالصواريخ الجوالة (كروز) المضادة للسفن و الأهداف الأرضية، وهي قادرة على حمل حواضن الحرب الإلكترونية الثقيلة المخصصة للتشويش على رادارات الدفاع الجوي، لتعمل كمنصة حرب إلكترونية لمرافقة وتغطية المقاتلات متعددة المسؤولة عن تنفيذ الهجوم (Escort Jamming Platform) (مثل EA-18E Growler الأمريكية).

 

فيما يتعلق بالقتال الجوى، فتتميز سو-35 بحمولتها الكبيرة و المتنوعة من صواريخ جو جو للإشتباك البعيد، والمتوسط والقصير المدى، مع القدرة الفائقة على المناورة بفضل تصميمها الآيرو ديناميكي الفريد، و قدرات الدفع الهائلة من محركيها المزودين بفوهات الدفع الموجه (Thrust Vectoring Control TVC Nozzles). و تعد البصمة الرادارية و الحرارية الكبيرة أهم عيوب المقاتلة كونها غير شبحية، التي لا تسمح لها بتنفيذ المهام الهجومية و الاستطلاعية الخطيرة، إلى جانب تكلفتها التشغيلية الكبيرة ، وبالإضافة لما سبق فإن تقنيات صهر البيانات و الربط و تبادل المعلومات لديها ليست بنفس التطور والقوة لدى المقاتلات الأمريكية وخاصة إف-35.

 

ولا توجد أية نسخ أخرى من سو-35 قادرة على العمل على متن حاملات الطائرات أو سفن الهجوم البرمائي الحاملة للمروحيات.

 

لذلك فإن سو-35 لا يمكن أن تكون بديلا لمقاتلات إف-35، نظرا لاختلاف مهام واختصاصات وكذلك أجيال الطائرتين.

 

الخيارات التركية:

 

سلاح الطيران التركي كان يُخطط لامتلاك 100 مقاتلة طراز F-35A، كما أنه خلال العقد القادم، سيكون في حاجة لعدد اخر من المقاتلات كبديل للنسخ القديمة من F-16 التي ستخرج من الخدمة.

 

تمتلك تركيا عددا من الخيارات لامتلاك مقاتلة جديدة لتعزيز أسطول F-16 العامل لديها والذي يُمثل العمود الفقري لقواتها الجوية :

 

1- الاتجاه لمقاتلة غربية أخرى سواء أوروبية مثل Rafale الفرنسية أو التايفون Eurofighter Typhoon الأوروبية أو الغريبن JAS 39 Gripen NG السويدية – هذا سيسهم في دعم وتعزيز العلاقات بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي – أو أمريكية في حال تحسن العلاقات بما يسمح بالحصول على F-16 بلوك 70 الأحدث من نوعها، أو F/A-18E Advanced Super Hornet وهي جميعها مقاتلات متعددة مهام، وهناك بالطبع خيار F-15X/EX أحدث النسخ من F-15E Strike Eagle إذا كانت ترغب أنقرة في مقاتلة سيادة جوية ضاربة.

 

2- العمل على استكمال تطوير المشروع المحلي TAI TF-X، ولكن ستكون هناك مجموعة من العراقيل وعلى رأسها، أن الشركات التركية مازالت لا تملك الخبرات في مجال تصميمات المقاتلات من الأجيال الحديثة، وخاصة أن خبراتها السابقة اكتسبتها من تجميع مقاتلات F-16 بترخيص أمريكي، ولم تكتسب الخبرة الكافية من تصنيع بعض المكونات الخاصة بـ F-35 (تشارك الشركات التركية في تصنيع 6 – 7% من مكونات F-35)، وخاصة بعد استبعادها من برنامج المقاتلة الأمريكية. وتصميم TF-X لم يكن ليتم في الأصل دون المعاونة التقنية المكثقة من شركة BAE Systems البريطانية، بخلاف المعاونة التقنية المستهدفة لتدبير المحرك والمقدمة من EuroJet Turbo GmbH وهو كونسورتيوم اوروبي ( Rolls-Royce البريطانية – MTU Aero Engines الألمانية – Avio الإيطالية – ITP الإسبانية )، ناهيك عن الأنظمة الإلكترونية المعقدة كالرادار واجهزة الملاحة وكمبيوتر المهام والتي لا يمكن للشركات التركية منفردة ان تنتجها دون معاونة تقنية خارجية من شركة Raytheon الأمريكية او Thales الفرنسية على سبيل المثال وليس الحصر.

 

3- التعاقد مع روسيا على المقاتلة Su-35 أو حتى مقاتلة الجيل الخامس Su-57 والتي تُعد تطويرا لعائلة الفلانكرز كونها مقاتلة سيادة جوية ضاربة من الجيل الخامس ذات بصمة رادارية مُخفضة تبلغ تقريبا 0.1 – 0.5 متر². ولكن هذا الخيار يعني مزيداً من التحول التركي السياسي ناحية روسيا، والذي سيتسبب في مزيد من الصدع مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، بل ربما خروج تركيا بشكل كامل من الحلف. فالمقاتلة الروسية لا يمكن دمجها ضمن شبكة الدفاع الجوي والصاروخي والقيادة والسيطرة لحلف الناتو ولا يمكنها مشاركة البيانات والمعلومات مع المنصات الغربية ( فقط الاتصالات الصوتية ) التي تعتمد عليها تركيا في سلاحها الجوي وكافة قواتها المسلحة.

 

أيضا، فإن شراء المقاتلات الروسية سيتسبب في فقدان الشركات التركية لكافة الميزات والخبرات والتقنيات المكتسبة من التعاون مع الشركات الغربية، بل وسيطيح بها من سوق صناعات الطيران العالمي، بسبب العقوبات والقيود التي ستفرض عليها، ولن تكون قادرة على تسويق منتجاتها للخارج وستقتصر على الاحتياجات المحلية فقط. كما أن هذا الخيار وما يتبعه من عقوبات، سيتبب في مزيد من الخسائر والاستنزاف للاقتصاد التركي المتضرر فعليا.

 

4- الخيار الأخير، هو إلغاء عقد إس-400 بكل بساطة وإعادة المنظومة لروسيا، والعودة سريعا مرة أخرى لبرنامج المقاتلة إف-35 و إنقاذ الشركات الوطنية و الاقتصاد التركي من المزيد من الأضرار والتداعيات، لكن في ظل السياسات الحالية لأردوغان، فإنه خيار غير مُرجح.

 

المصدر: محمد الكناني

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تكنولوجيا صينية جديدة تجعل الطائرات المقاتلة “مخفية” عن الرادارات

بطارية باتريوت الأمريكية في السعودية لأجل الحويثيين وليس إيران! (فيديو)