in

الدرون الصيني “قوس قزح” يغزو دول العالم الثالث ويتغذى على صراعات الشرق الأوسط

تعد الصين من الدول الأكثر إنفاقا واهتماما في مجال طائرات الدرونز أو الطائرات من دون طيار حيث أنفقت الحكومة الصينية العشرات من مليارات الدولارات في سبيل تطوير طائراتها المتحكم بها عن بعد وغالبا ماتكون هذه النفقات على شركاتها الكثيرة المتخصصة في صناعة الدرونات حيث تمتلك الصين وحدها أكثر من 100 شركة ضمن القطاع الخاص. وتساهم هذه الشركات في تزويد جيش التحرير الصيني بحاجته من طائرات الدرون ويعد الدرون الصيني CH-4 أو كما يُطلق عليه الصينيون قوس قزح أنجح درون قتالي صيني حتى الآن.

 

سابقا كانت تأتي درونات الاستطلاع الغير مسلحة ضمن أولويات أغلب القوات المسلحة في جميع دول العالم ولكن مع انتشار الجماعات الإرهابية وتطور أسلحة الحرب الحديثة أصبحت الدرونات المسلحة ضمن أولويات قادة الجيوش ولكن باتت المشكلة الأكبر هي الحصول على هذه الدرونات حيث أن الدول الرائدة في مجال طائرات الدرونز المسلحة قليلة وتكاد تكون أقل من أصابع اليد الواحدة حيث تحتكر كلا منن الولايات المتحدة وإسرائيل مجال صناعة الدرونات المسلحة وغير المسلحة فكلا البلدين يقدمان أفضل وأنجح درونات حتى الآن وهذا يعود إلى الخبرة الطويلة جدا (كلاهما إحتاج لفترة 30 – 40 سنة لتحقيق الدرونات الناجحة المطلوبة) والإنفاق الكبير لهما في مجال البحث العلمي.

 

وهذا ما جعل دول عديدة جدا تتجه لدرونات هاتين الدولتين ولكن بالنسبة لدول الشرق الأوسط والدول الإفريقية فالوضع مختلف ، أمريكا مثلا لا تبيع دروناتها القتالية المسلحة حتى لأقرب حلفائها لكونها ملزمة باتفاقيات عدة أبرزها اتفاقية MTCR و التي تمنع من تصدير طائرات بدون طيار ذات حمولة أكبر من 1100 باوند و مدى 185 ميل بحري و هو ما ينطبق على طائرات “بريداتور” و “ريبر” الأمريكيتين حيث تتجاوز حمولة الطائرة MQ-9 ريبر مثلا ما يقارب 2500 باوند على نقاط التّعليق السّبعة للطّائرة.

 

أما إسرائيل فخلاف العرب معها يمنع من تعاقدهم على طائراتها ، وأما الدول الإفريقية الفقيرة فتجد من الطّائرات الأمريكية والإسرائيلية مضيعة لأموالها الشّحيحة لأن سعر طائراتهم أكثر بخمسة أضعاف من طائرات قوس القزح الصينية، و هو ما جعل التّنين الصّيني ينتهز الفُرصة لعرض آخر طائراته المسيرة القتالية إليهم ، خصوصا فى ضروف صراعاتهم الكثيرة الحالية و التي تتطلب بشدة وجود طائرات بدون طيّار مُسلّحة.

 

وعرضت الصين طائرة “قوس قزح” بالنسخة القتالية CH-4B على جميع دول منطقة الشرق الأوسط تقريبا و نظرا للحاجة الشّديدة لهذا النّوع من الطائرات باتت دول مثل العراق و مصر والسعودية والأردن و الجزائر و الإمارات و باكستان تتّجه للتعاقد على هذه الطائرات ، وكان العراق أول المُتعاقدين عليها واقتنى منها ما يقارب سربا كاملا وأثناء الإختبار التجريبي سقطت أول طائرة نتيجة لخلل فنّي ، وحاولت الجزائر التّعاقد بدورها و لكن سقطت طائرتين في فترة الإختبارات و التقييم كما سقطت طائرة باكستانية أثناء إحدى الطّلعات الدّورية و سقطت طائرة سعودية أثناء قتالها مع الحُوثيين و سقطت نُسخة مُسلّحة من نوع CH-3 فى نيجيريا.

 

إن سلسلة السُّقوط المتكرّر ناتجة عن عدم نضوج هذه الطائرة ، في تشرين الثاني نوفمبر اشار رئيس اكتساب الأسلحة لسلاح الجو الأمريكي ‘وليام لابانت’ عن شكوى الحُلفاء (يقصد هنا دُول الخليج) من الطائرات بدون طيار الصينية (الدرونز) و تذمرهم منها فى معرض دبي للطّيران وأضافو أن التّوجه للطائرات من دون طيار الصينية كان بسبب كونها البَاب المفتُوح الوحيد أمامهم بسبب عدم مُوافقة وزارة المبيعات للأسلحة الأمريكية FMS على طَلبياتهم.

 

و اشتكى الاطقم العراقيون بشكل متكرر من طائرات CH-4B و هذا يُفسر عدم ظهور هذه الطائرة إلى الإعلام منذ أول صورة لها تم تسريبها فى مارس 2015 إلى يناير 2016 ، ويشير المحلل جيرمي بيني في صحيفة Jane’s العسكرية الشهيرة أن سبب تأخُّرها لما يُقارب السّنة عن الظّهور بشكل مباشر فى الإعلام هو المشاكل التّقنية التي واجهت العراقيين أثناء تشغيلها.

 

و تشير المصادر إلى بعض أوجه العيوب و القصور التى تُعانى منها طائرة CH-4B حيث تشمل محرك التيربو بروب turboprop غير الناضج (على سبيل المثال) و الذي يعانى من مُشكلة التوقف المُتكرر أثناء التّحليق وتشمل أوجه القصور الأخرى قُدرات الطّائرة على مُستوى شامل حيث بسبب كونها طائرة تعتمد على التّحكم من قبل مِنصة تحكُّم أرضية (و ليس بالأقمار الصناعية) فإن الطائرة تكون مرهونة مع المنصة ضمن مدى لايتجاوز 200 – 250 كيلو متر و إلا ينقطع الإتصال مع الطائرة و هي مساففة قصيرة للغاية و تبلغ مدة بقائها في الجو و هي مُسلحة 14 ساعة فقط مُقارنة بطائرة بريداتور مثلا القادرة على البقاء فى الجو لمدة 40 ساعة مُتواصلة.

 

أما سقف تحليقها يكُون ضمن 5000 متر ممّا يعرضها للكشف و الرصد بالعين المُجردة ، كما أن أوجه القُصور تنتقل إلى أنظمة التّسليح و اكتساب الأهداف حيث تتسلح عادة بصواريخ AR-1 و هي نُسخة من صواريخ HJ-10 المُضادة للدّروع “فى الأصل” تمّ تعديلها لتحملها الطّائرات بدون طيار. هذه الصواريخ مزودة برأس حربي بشحنة مُشكَّلة مضادة للدروع و هي على عكس صواريخ “هيل فاير” أو “أتاكا” ذات الرؤوس الفراغية أو شديدة الإنفجار-المتشظية HE فعند استعمالها ضد الأهداف البشرية و التّحصينات يكون تأثيرها محدود.

 

أما مشكلة اكتساب الأهداف فهي بسبب عُيوب نظام الرّصد والإستهداف بالأشعة تحت الحمراء FLIR و الذي بحسب شهادات الأطقم العراقين يُعاني من عدم ثبات و استقرار الصُّور التى يرسلها النظام إلى المُشغلين و عدم وضوح الصور المباشرة له أدت إلى بعض النّتائج الكارثية حيث يصعب تمييز الأهداف و خلال إحدى الحوادث استهدفت الطائرة عناصر من قوات الحشد الشعبي بالخطأ و قتلت 10 منهم فى تكريت ، يمكن ملاحضة سوء جودة الصُّور المُلتقطة من خلال مُشاهدة مانشرته وزارة الدّفاع العراقية للقطات استهداف عناصر داعش حيث يلاحض صُعوبة التعرف على الأهداف مُقارنة بنظام AAS-52 لطائرات بريداتور الأقدم فإن هذا النّظام يُتيح قدرة التّعرف على ملابس الأشخاص و حتى وجوههم.

 

فى الختام تعتبر CH-4B قوس قزح طائرة متاحة بسُهولة و رخيصة الثّمن حيث تُكلف الطائرة الواحدة حوالى مليون دولار بينما تُكلّف طائرة بريداتور الشّهيرة 5 مليون دولار من دون أنظمتها وأسلحتها و لكن يلعب هنا دور السّعر و العدد على عامل النّوع و الموثوقية بشكلٍ كبيرٍ.

 

المصدر: خلية الخبراء التكتيكية Tactical cell

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد وضع أنظمة الصواريخ إس-300 الروسية في حالة تأهب

تدريبات عسكرية مصرية روسية مشتركة للدفاع الجوي في مصر العام المقبل