in

أجهزة رادار الكشف فيما وراء الأفق OVER THE HORIZON وكشف الأهداف الشبحية

1 – لا يمكن القول إنه لا توجد دولة في العالم، تريد أن تحافظ على السيطرة على مجالها الجوي، إلا ولديها شكل من أشكال أنظمة الدفاع الجوي طويل المدى، يختلف هذا النظام من دولة إلى أخرى ويتراوح ذلك الإختلاف من كون هذا النظام مجرد رادار مراقبة قد يكون 1 أو 2 إلى النظم المعقدة والمتقدمة كلا حسب التهديدات المحيطة به.

 

2 – تلك النظم تغطي نظم (الرادار التقليدية الأساسية والرادارات الثانوية ورادارات ما وراء الأفق OTH ونظم الموجات السطحية)، ويمكن أن تلعب نظم الرؤية الكهروبصرية السلبية دوراً هاماً في الدفاع الجوي، ولكن نظرا لمداها المحدود الذي ينحصر في الأفق المرئي فإنها تستخدم فقط في المساندة قصيرة المدى ضد الصواريخ والطائرات التي تطير على إرتفاعات منخفضة.

 

3 – تعتبر نظم الدفاع الجوي نتيجة لطبيعتها ومهامها ، من الموضوعات بالغة الحساسية ونتيجة لذلك فان المعلومات التي تنتشر عن نظم الرادار وشبكات الإتصال بينها تكون غالبا محدودة وصعب الحصول عليها ، عادة ما يرجع عدم نشر الشركات الصناعية عن متغيرات تلك النظم وموقفها العملياتي لأسباب سياسية وعسكرية وهو ما يؤدي إلى صعوبة تقييم شبكات الدفاع الجوي للدول المختلفة.

 

4 – من الصعب بناء نظم الدفاع الجوي المتقدمة والشاملة بين يوم وليلة، ولكن يتم بناؤها تدريجيا على فترات تستغرق عدة سنوات، ويتطلب ذلك إعتمادات مالية ضحمة ، عندما تفكر أي دولة في بناء نظام للدفاع الجوي طويل المدى فإنه يلزم التفكير أولا في نظم الرادارات الكبيرة التي ستعمل كأجهزة استشعار رئيسية للنظام وذلك ومراكز العمليات المعقدة ومراكز القيادة والسيطرة ومراكز إذاعة المعلومات… إلخ جميع نظم الاتصالات الداخلية سواء كانت صوتية أو للبيانات من خلال الكابلات ووصلات الموجات القصيرة ويحتاج ذلك إلى قدر كبير من الخبرة في التصميم والتطوير والبناء.

 

 

● قبل البدء فى الموضوع هناك بعض المفاهيم المغلوطة عن مفهوم الشبحية STEALTH CONCEPT لمقاتلات الجيل الخامس مثل F-35 فليس كما يتخيل البعض أن تلك المقاتلات تتميز بال FULLY STEALTH أي الشبحية الكاملة، حتى شركة LOCKHEED MARTIN المصنعة للمقاتلة لم تقل ذلك بل المقصود بشبحية تلك المقاتلات ال LOW OBSERVABLE أى هو مفهوم إنخفاض الرؤية أو الملاحظة لمقاتلات الجيل الخامس ، وذلك المفهوم يكون في الأساس علي بواحث الصواريخ ورادارات التحكم في إطلاق النيران التي تعمل في نطاق S-BAND و KU-BAND و C-BAND و X-BAND وجزء من نطاق S-BAND ، وطبعا هذا التحصين كما تقول الشركة ليس من كل زوايا الطائرة فى الغالب من المقدمة ومن الأسفل فقط.

 

 

▪ تعريف أجهزة رادار الكشف فيما وراء الأفق OVER THE HORIZON والشبحيات:

 

1 – يحقق هذا النوع من أجهزة الرادار إمكانية كشف الأهداف الجوية ذات الإرتفاعات المنخفضة جداً من مستوى سطح البحر وعلى مسافات بعيدة جداً، كما أن لها قدرة عالية على إكتشاف الأهداف الجوية ذات الطلاءات الماصة للشعاع الراداري.

 

2 – أنواع أجهزة رادار الكشف فيما وراء الأفق:

 

أ – رادار الكشف فيما وراء الأفق باستخدام حيود / إنعطاف الأشعة حول كروية سطح الأرض وهو الذي يعرف برادار الموجات الأرضية / السطحيةSURFACE (GROUND) O.T.H.

 

ب – رادار الكشف فيما وراء الأفق بإستخدام الأشعة من طبقة الأيونوسفير وهو الذي يعرف برادار الموجات السماوية SKY WAVE O.T.H RADAR.

 

3 – خصائص استخدام أجهزة رادار فيما وراء الأفق:

 

أ – رادار OTH الذي يستخدم SKY WAVES من أهم ما تتميز به أنها تنظر إلى الأهداف الجوية بنفس الطريقة التى تنظر بها طائرات AWACS لنفس الأهداف أى من الأعلى، لذلك يصعب على الأهداف الجوية إستخدام مميزات التضاريس الطبيعة كالطيران على إرتفاع منخفض أو حتى إرتفاع عالي، مما يجعلها ممتازة جدا لأغراض الإنذار المبكر ضد الهجمات الجوية وبالذات الهجمات الصاروخية الباليستية وهو ما يتيح وقت كبير لإنذار المضادات الأرضية والطائرات الإعتراضية.

 

ب – هذا النوع من الرادارات يستخدم خاصية إنكسار الموجات الكهرومغناطيسية REFRACTION أثناء إختراقها لطبقات الجو المختلفة ، حتى تتعدى زاوية سقوطها الزاوية الحرجة فتنعكس مرة أخرى لسطح الأرض وأثناء إتخاذها المسار الهابط تصطدم بالهدف الجوي، فتتخذ نفس المسار متجهة إلى موقع الرادار ، مما يعطيها مديات كبيرة تصل فى بعض الأنواع إلى 4000 كم.

 

ج – تستخدم هذه النوعية من الرادارات مرسالات ذات قدرة إرسال عالية جداً تصل إلى حوالي 100 ميجا وات كما تستخدم هوائيات ضخمة لتحقيق عرض مناسب للشعاع في حدود (8)°.

 

4 – رغما عن الأسباب السابقة في هذا النوع من الرادارات فقد أصبح ذا أهمية خاصــة جعلتــه يبرز في الآونــة الأخيرة ليتصدر إهتمام الدول التى تريد بناء منظومة دفاع صاروخى ضد الصواريخ الباليستية ABMS بسبب قدرته الفائقة على إكتشاف تقريبا جميع الأهداف الجوية الحالية والمستقبلية ، لكن هذا النوع من الرادار يرتبط بشكل تقريبا كلي بطبقة الأيونوسفير كما ذكرت والتى تبدء من إرتفاع (60) كلم وحتى 350 كم، والتى بطبيعة الحال عبارة عن طبقات مشحونة بشحنات كهربية مختلفة ، لذلك أداء هذا النوع من الرادارات يعتمد على دراسة تلك الطبقات لأنه كثافة فيض الشحنات الكهربية يختلف طبقا للإرتفاع والليل عن النهار والشتاء عن الصيف.

 

يتم تحديد موقع نطاق المسؤولية لرادارات OTH عن طريق الدراسة الفنية الدقيقة طبيعة طبقة الأيونوسفير دراسة دقيقة تردد الموجة الرادارية وزاوية الشعاع الرادارى الأفقية والمسار الهندسي للشعاع الساقط الساقط.

 

لذلك تشغيل الرادارات ما وراء الأفق OTH يتطلب تقنيات خاصة ، فعلى سبيل المثال ، تؤثر الإشعاعات الصادرة عن الشمس على طبقة الايونوسفير وبالتالي يجب الأخذ بعين الإعتبار تلك المتغيرات التي تنشأ نتيجة لذلك ، كما إن الحصول على أو بناء رادار ما وراء الأفق أو عابر للأفق ، يعد عملية أشبه بفن أكثر منه إتقان لمهنة روتينية 《لذا فإن العاملين على مثل هذه المحطات يجب ان يكون لديهم إلمام كبير في متغيرات الغلاف الجوي إلى جانب مهارتهم في توجيه حزمات الأشعة الرادارية أو الصادة عن الهوائي الذي يكون عادة مختلفا عن هوائيات الرادارات التقليدية.

 

5 – لذلك وكما ذكرنا أن مقاتلات الجيل الخامس ليست شبحية بالمعنى الحرفى بل منخفضة الملاحظة LOW OBSERVABLE بالذات علي الرادارات العاملة على النطاق العالى جدا VHF ، فحتى القاذفات B-2 هي أيضا ليست شبحية بل منخفضة الملاحظة والرصد على الرادارات العاملة على النطاقات العالية HF والعالية جدا VHF ، وبالفعل هذه الرادارات سبق رصدت وتعقبت القاذفة B-2 وهي تحلق فوق تكساس  وهذا لأن هذه الرادارات تكون قوية جدا جدا ، فلو الموجة المرتدة من سطح القاذفة B-2 إلى جهاز الإستقبال كانت ضعيفة سيكون من السهل تحديد جسم غير طبيعي يتحرك في الافق البعيد وسيتم الإنذار منها ، وهي مهمة هذه الرادارات وهي الإنذار المبكر.

 

7 – وللعلم ، لم يدعي أحد من مصممي مقاتلات الجيل الخامس ستكون شبحية FULLY STEALTH – منخفضة الملاحظة LOW OBSERVABLE على رادارات الذبذبة العالية جدا VHF وهذا بسبب أن المقاتلات الحالية تمتلك زعنفة ذيلية ما يجعل هناك تغيير كبير فى بصمتها الرادارية بسبب تأثير الرنين لكن الأجسام كبيرة الحجم كقاذفة إستراتيجية عندما تم تصميمها كان أساسا لتمتع بقدرة منخفضة الملاحظةL-O على رادارات الذبذبة العالية جدا VHF ، فلذلك لم تمتلك أي ذيول بجانب أن B-2 بحجمها ووزنها الكبير جدا بالمقارنة بالمقاتلات يجعلها تستوعب هياكل من المواد ماصة عالية الفاعلية في نطاق ترددي كبير جدا.

 

● لذلك هذا النوع من الرادارات OTH وبطبيعة الحال المحطة الرادارية RECONANCE-NE هي خيار رائع وأكثر من ممتاز لكشف طائرات الجيل الخامس وعلى رأسها المقاتلة F-35 JSF فهي بمثابة طائرة AWACS لكن أرضية وبمدى وقدرات كبيرة.

 

 

▪ معلومة بخصوص طبقة الـ IONOSPHERE:

 

– طبقة الـ IONOSPHERE هي طبقة من طبقات الغلاف الجوى للأرض تمتد من ارتفاع 50 – 60 كم إلى إرتفاع 350 – 400 كم تقريبا، وقد سميت بهذا الاسم لأنها المنطقة التي يحدث فيها التأين للغازات المحيطة بالأرض بسبب إمتصاص هذه الغازات لكميات كبيرة من الطاقة التي تستمدها من الأشعة فوق البنفسجية ، وتتألف هذه الطبقة من 4 نطاقات رئيسية هي D – E – F1 – F2، وتظهر كلا النطاقين D – E في النهار وتتلاشى في الليل ، في حين يقوى النطاقين التاليين F1 – F2 في الليل و تزداد قوة التردد العالي خلالها، والأخيرة F2 تزداد فعالية الإتصالات بعيدة المدى بها.

 

 

▪ تاريخ ظهور رادارات ما وراء الأفق OTH:

 

1 – في سنة (1943) وضع ضابط ألمانى نازي هو يوجين سانغر و زوجته تصميما لأول قاذفة فضائية صاروخية الدفع ، وكانت من بين المقترحات التي طرحت على الفوهرر أدولف هتلر كسلاح للردع ضد الحلفاء، وحيث أن تلك القاذفة الجوفضائية يفترض منها أن تعمل خارج الغلاف الجوي وبمدى بعيد جدا وتحديدا في ضرب الولايات المتحدة ، فإن عملية متابعتها والتواصل معها تعد مستحيلة في عهد لم يكن به أقمارا صناعية بعد ، فقد أقترح العلماء الألمان آنذاك بناء أبراج لاسلكية ضخمة بعضها يخصص للإتصالات والآخر للرصد والكشف تعرف برادارات أو أجهزة الإتصال ما بعد الأفق أو ما وراء الأفق OVER THE HORIZON.

 

2 – وأثناء الحرب الباردة COLD WAR والتى امتدت من سنة 1947 إلى سنة 1991 كان الإتحاد السوفيتي يعاني من إختراقات طائرات الإستطلاع الأمريكيه SR-71 بين الحين والآخر ، ولم يكن حتى بعد بناء أول شبكة دفاع صاروخي مضاد للأهداف الجوية ABMS لديه القدرة على تعقب الأهداف المعادية التي تبعد عن مدى حدوده، وبالتالي كان عرضة لأي هجوم مباغت.

 

3 – لكن ذلك الحال تبدل في سنة 1963 تقريبا حينما تمكن من وضع رادارات تعمل بتقنية مبدأ OVER THE HORIZON بمدى فعال يبلغ 1000 كم تقريبا ، وسرعان ما بدأ الغريمان الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية في زيادة قدرات تلك الرادارات الفائقة المدى حتى باتت تبلغ قدرة هائلة على الكشف تعدت نطاق 5000 كم ، لدرجة من الدقة بحيث يمكنها من رصد كرة معدنية بحجم ثمرة البرتقال على ذلك البعد ،،، أما عدد الأهداف التي يمكنها من رصدها فهي أكثر من 500 هدف تقريبا أو أقل قليلا.

 

 

▪ إسقاط الدرون الأغلى RQ-4 GLOBAL HAWK:

 

1 – منذ أن أسقطت الدفاعات الجوية الإيرانية طائرة الإستطلاع والتجسس المتطورة الأغلى RQ-4 GLOBAL HAWK، ويساورني تساؤل لم يجد له إجابة شافية وافية ولو بتلميح قريب إلى الصحة ، ليس تقليلا من الخبرات الإيرانية ولا تضخيما لها ، كيف استطاعت الدفاعات الإيرانية كشف وتعقب تلك الطائرة.

 

2 – الحقيقة معظم التحليلات للخبراء العسكريون الروس أكدت تمكن إيران من بناء شبكات رادارية تعمل بتقنية مبدأ الكشف فيما وراء الأفق OTH مستنسخة من المحطة RECONANCE-NE تحت اسم SEPEHR OTH بحيث أن إيران كانت تعلم بموقع ومسار تلك الطائرة RQ-4 GLOBAL HAWK منذ إقلاعها على ما يبدو من أحد القواعد الجوية لدول مجلس التعاون الخليجي وبالتالي كانت على إستعداد تام للتعامل معها فور وجودها قريبة من أحد مظلات الدفاع الجوي لها فاسقطتها على الفور.

 

3 – بل و إن ما يؤكد على أن إيران بالفعل لديها منظومات رادارية عابرة للأفق هو تحديدها لنوعين من الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية بحيث أحدها غير مأهول وهي التي أسقطتها عمدا RQ-4B GLOBAL HAWK والأخرى طائرة مأهولة طائرة مراقبة بحرية يعتقد أنها BOEING P-8 POSEIDON بطاقم مكون من 35 فردا كما ذكرت إيران.

 

4 – وهو ما يضع دول الخليج في وضع لا تحسد عليه ، خاصة أن إمتلاك إيران لمثل هذه المحطات الرادارية بمدى مقارب من 1000 كم ، تجعل منها قادرة على كشف كافة عمق الساحل الشرقي لدول شبه الجزيرة العربية بالكامل إذا ما علمنا أن أعرض مسافة ما بين ضفتي الخليج تبلغ 370 كم فقط بالكاد حتى ، أي أن إيران تراقب معظم الحركة الجوية التي تكون بحدود 500 كم تقريبا على الشاطيء الشرقي لدول المنطقة ، مما يمكنها من الإستعداد لكل إحتمالية للهجوم إذا ما تقرر القيام بعمل عسكري ولو محدود.

 

 

▪ ختاما ، محطات الرادار OVER THE HORIZON وعلى رأسها محطة RECONANCE-NE هي أشبه بوجود سقف منزل من المرايا بحيث يمكنك مشاهدة كل ما يتحرك حتى خلف المنعطفات إذا الأمر يتطلب إجراء مضاد عالي التقنية وربما تكتيكا قتاليا مبتكرا كإستخدام طائرات للتشويش الإلكتروني الكثيف إلى جانب تفجير قذائف تكتيكية تعمل بالنبضات الكهرومغناطيسية EMP قبل الإنطلاق لضرب مثل هذه المنشآت / المحطات الرادارية الإستراتيجية الحساسة، ففى كل مواجهة عسكرية أو توتر دولي ، تشكل عملية الحصول على معلومات عن نوايا الطرف المقابل إلى جانب مواقعه القتالية والإستراتيجية ومواطن ضعفه وقوته ، عاملا حاسما و ضروريا لتحقيق النصر عليه ، و لا يتحقق ذلك إلا عبر التجسس و والإستطلاع ، لذا كان الكشف المبكر على مر الزمن عنصرا مهما في إستراتيجيات الدفاع.

 

أجهزة رادار الكشف فيما وراء الأفق OVER THE HORIZON وكشف الأهداف الشبحية

 

محمد زيدان

Written by نور الدين

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إف-16 بلجيكية تعترض قاذفة روسية من طراز سو-34 (صور)

الجيش السعودي يفتح المناصب القتالية أمام النساء